ولما عرفت من أن اعتبار الكيل والوزن لحكمة سد باب نوع الغرر لا شخصه فهو حكم لحكمة غير مطردة نظير النهي عن بيع الثمار قبل الظهور، لرفع التنازع واعتبار الانضباط في المسلم فيه، لأن في تركه مظنة التنازع والتغابن ونحو ذلك.
والظاهر كما عرفت من غير واحد أن المسألة اتفاقية، وأما ما علم أنه كان يباع جزافا في زمانه صلى الله عليه وآله. فالظاهر جواز بيعه كذلك عندنا مع عدم الغرر قطعا.
والظاهر أنه اجماعي، كما يشهد به دعوى بعضهم الاجماع على أن مثل هذا ليس بربوي والشهرة محققة على ذلك نعم ينافي ذلك بعض ما تقدم من اطلاق النهي عن بيع المكيل أو الموزون جزافا.
الظاهر فيما تعارف كيله في زمان الإمام عليه السلام أو في عرف السائل أو في عرف المتبايعين أو أحدهما وإن لم يتعارف في غيره، وكذلك قوله عليه السلام ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح مجازفة. الظاهر في وضع المكيال عليه عند المخاطب وفي عرفه، وإن لم يكن كذلك في عرف الشارع.
اللهم إلا أن يقال: إنه لم يعلم أن ما تعارف كيله أو وزنه في عرف الأئمة عليهم السلام وأصحابهم كذلك في عهد الشارع الأقدس. فإنه يستنتج منهما اعتبار الكيل والوزن في ما كان مكيلا وموزونا في عهده.
وإن شئت قلت: بهيئة الشكل الأول ما كان مكيلا أو موزونا في عهده يجري فيه الربا، وما يجري فيه الربا يشترط أن يباع بالكيل أو الوزن، ونتيجتهما أن كل ما كان مكيلا أو موزونا في عهده يشترط أن يباع بالكيل أو الوزن.
وفيه: إن الأمر الأول - وهو الكبرى في القياس - إن أريد به أن من شرط جريان الربا كون الكيل أو الوزن شرطا في صحة بيعه ولو في زمانه صلى الله عليه وآله خاصة فهو حق، إلا أنه لا يفيد للمستدل. وإن أريد به أنه من شرطه كون ذلك شرطا في صحته إلى الأبد، وما دام يجري فيه الربا فهو أول الكلام وغير ثابت.
فالإنصاف أن دعوى الاجماع، بل الشهرة في المقام في غير محلها.
إذا عرفت هذه الأمور فاعلم: أن الكلام يقع في موردين: