واقتصر في المسالك والشرح على احتمال الوجهين (1) كالتحرير وقيده بعدم تجاوز الحاجة (2) وألحق المحقق الثاني بتصرف الاختبار التصرف لحفظ المبيع كالركوب لسقي الدابة (3).
وأنت خبير بأن التقييد بعدم تجاوز الحاجة لا يصح بناء على الكشف وعدم التعبد، إذ لا كشف عن التزامه بعد أن علم اختباره. نعم بناء على التعبد له وجه.
وأما التصرف الذي أذن أحد المتعاقدين لصاحبه فيه فيما انتقل عنه أو انتقل إليه، إن تصرف الآخر سقط الخياران، وإلا فخيار الآذن.
أما خيار المتصرف فظاهر. وأما الآذن فإن كان البائع كان قوله: «تصرف في المبيع» بمنزلة أن المال لك والبيع لازم ثابت فافعل ما تشاء، وإن قال له: «تصرف في الثمن» كان بمنزلة ما إذا قال له: أنا فسخت فتصرف في مالك. وجبره على ذلك أقوى من الإذن، ومما ذكر يعلم الحال فيما إذا كان الآذن المشتري.
وأما سقوط خيار الآذن إذا لم يتصرف المأذون فهو المشهور كما في الميسية (4) وصرح به العلامة في القواعد (5) واستشكله المحقق الثاني (6) وجماعة مستندين إلى عدم ظهور دلالة الإذن على سقوط الخيار وعدم استلزام الرضا بالتصرف زوال الخيار، لأن غايته قبل وقوعه أن تكون الإزالة بيده، وهي لا تقتضي الزوال بالفعل.
وفيه: أن مقتضى الإذن رفع الحجر من قبل الآذن ولا مانع غير الخيار فارتفع بالإذن كما هو ظاهر في مجرى العرف، فلا معنى لإنكار ظهور الدلالة، مع أن الإذن لو لم تكن دالة على سقوط الخيار لاشكل حكمهم بالسقوط فيما إذا تصرف المأذون، فإن الآذن لم يوجد فيه سوى الإذن، فإن لم يسقط الخيار به لم يسقط بالتصرف الذي هو فعل غيره.