حرمت حلالا فعلا أو تركا، فإن بيع الرجل ماله أو هبته لغيره مثلا مباح، ولو شرط في ضمن عقد بيع آخر يصير واجبا، والغالب في الشرط إيجاب ما ليس بواجب كالنذر والعهد ونحوهما من الأسباب الشرعية المغيرة للحكم، مع أنه قد صرحت رواية إسحاق بن عمار (1) وغيرها باستثناء الشرط المحرم للحلال من حكم الشروط، فيشكل التوفيق بين الروايات وكلام الأصحاب.
ووجه الاندفاع ظاهر كما عرفت من أن المراد من تحريم الحلال ما كان الغرض منه مجرد ذلك، وهذا لا ينافيه كلام الأصحاب.
ودعوى: أن ذلك خلاف الظاهر من العبارة، ممنوع، ولا حاجة إلى تعسف حمل الروايات على صورة اشتراط أن يكون الحلال شرعا حراما شرعا مما ليس مقدورا للمكلف فإن ذلك بعيد جدا، ولا إلى تخصيص الحلال بخصوص الواجبات كتحليل الحرام، فإنه خاص بالمحرمات بقرينة المقابلة ويكون المراد اشتراط ترك الواجبات، فإنه خلاف الظاهر أيضا مع أنه داخل في الثاني.
وقال بعض المحققين: الظاهر من تحريم الحلال وتحليل الحرام هو تأسيس القاعدة، وهو تعلق الحكم بالحل أو الحرمة بفعل من الأفعال على سبيل العموم من دون نظر إلى خصوص فرد، فتحريم الخمر معناه منع المكلف عن شرب جميع ما يصدق عليه هذا الكلي وهكذا حلية البيع، فالتزويج والتسري مثلا أمر كلي حلال والتزام تركه مستلزم لتحريمه، بل وكذلك جميع الأحكام الشرعية من الطلبية والوضعية وغيرها، وإنما يتعلق الحكم بالجزئيات باعتبار تحقق الكلي فيها.
فالمراد من تحليل الحرام وتحريم الحلال المنهي عنه هو أن يحدث قاعدة كلية ويبدع حكما جديدا فقد اجيز في الشرع الشروط إلا شرطا أوجب إبداع حكم جديد كلي مثل تحريم التزويج والتسري وإن كان بالنسبة إلى نفسه فقط.
وفيما لو شرطت عليه أن لا يتزوج عليها فلانة أو لا يتسرى بفلانة خاصة إشكال.
فلزوم البيع الخاص الذي يشترطانه في عقد بيع ليس مما يوجب إحداث حكم