وحيث إن هذه المسألة من المسائل الجليلة وحكمها غير مستوفى في كلامهم فلابد فيها من بسط المقال، فنقول:
إن المغبون إما البائع أو المشتري، والعارض إما تلف أو تصرف، والتلف إما من البايع أو المشتري أو منهما، أومن أجنبي، أو من السماء، أومن المركب بأقسامه.
والتصرف إما من الغابن أو من المغبون أو منهما، في تمليك عين أو منفعة لازم أو جائز أو مبعض، أو وقف عام أو خاص أو تحرير، باختيار أو تنكيل أو سراية أو إعداد للتحرير بكتابة أو ولادة أو تدبير، أو تصرف غير مغير كالركوب، أو مغير بالزيادة العينية كالغرس للأرض، أو الحكمية كقصارة الثوب، أو المشوبة كصبغه أو بالنقصان عينا أو عيبا أو وصفا بالامتزاج المقتضي للشركة كخلطه بالأجود أو بالمثل أو بالأردأ، أو بما لا يقتضي الشركة، أو بغير الزيادة والنقصان كنصب الفص في الخاتم، أو بهما معا على وجه الاضمحلال كالزيت يعمل صابونا.
ثم إما أن يزول المانع من الرد قبل الحكم ببطلان الخيار أو بعده، أو لا يزول.
وهذه جملة أقسام المسألة، وقد جعل الشارح منها ما إذا كان المغبون البائع والمشتري معا (1) وهو غير متعقل فيسقط بصوره، لأن الغبن في طرف البائع إنما يكون إذا باع بأقل من القيمة السوقية وفي طرف المشتري إذا اشترى بأزيد منها، ولا يتفاوت الحال بكون الثمن والمثمن من الأثمان أو العروض أو أحدهما من أحدهما والآخر من الآخر، فلا يتعقل كونهما مغبونين معا، وإلا لزم كون الثمن أقل من القيمة وأكثر منها، وهو محال.
وقد تفرض في صورة تعدد المبيع والثمن واتحاد العقد، ولكن العقد باعتبار تعدد الثمن بحكم البيعين والكلام في البيع الواحد، فتأمل.
وجملة القول في هذه الصور: أما بالنظر إلى التلف فإن كان المتلف الغابن لما في يده فسخ المغبون ورجع عليه بالمثل أو القيمة، وإن كان لما في يد المغبون فسخ المغبون وارجع ماله ولا شيء عليه إن كان المدفوع مثليا لوقوع التهاتر