والتحقيق أن الخصاء والجب يوجبان نقصا غالبا كما تقدم، وطريق معرفة أرشه قطع النظر عن زيادة القيمة فيفرض عبدا مسلوب المنفعة المترتبة على تلك النقيصة - من القابلية للنسل والقدرة على ما تقدر عليه الفحول من الأعمال الاخر - فيقوم كذلك ويقوم صحيحا ويؤخذ بالنسبة.
فإن قلت: يلزم الظلم على البائع، لتضرره.
قلنا: إن كان عالما فهو أقدم على الضرر بنفسه فلا اعتبار لضرره، وإن كان جاهلا فقد يقال بثبوت الخيار له فلا ضرر عليه، مع أن زيادة القيمة في المقام قد ترتبت على منفعة ألغاها الشارع وحرمها وحرم الفعل الذي نشأت منه فلا حكم لها، على أن ضرر البائع معارض بضرر المشتري حيث لا يمكنه الرد لحدوث عيب وتصرف، ويشهد لما ذكرنا حكم الأصحاب في باب الغصب بأنه لو خصى الغاصب العبد كان عليه كمال قيمته ورده.
قال المصنف: (وهو مثل نسبة التفاوت بين القيمتين من الثمن) اعلم أن الأرش يطلق على معان:
منها: نقص القيمة لجناية الإنسان على عبد غيره في غير المقدر الشرعي.
ومنها: ثمن التالف المقدر شرعا بالجناية كقطع يد العبد.
ومنها: أكثر الأمرين من المقدر الشرعي. والأرش وهو ما تلف بجناية الغاصب.
والمراد به في هذا المقام اصطلاحا منهم جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة نقص قيمة المعيب إلى قيمة الصحيح، بأن يقوم المعيب صحيحا ومعيبا ويؤخذ من الثمن مثل تلك النسبة لا تفاوت ما بين المعيب والصحيح، لأن الأرش على خلاف القاعدة فيقتصر فيه على المتيقن، ولأن المدار في النقصان على ما أقدم عليه من القيمة لا على ما لم يقدم عليه، ولأنه قد يحيط بالثمن أو يزيد عليه فيلزم أخذه العوض والمعوض وقد نهى عنه النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله: لا تجمع بين العوض والمعوض لواحد (1).