قلنا: العيب لا يثبت بشاهد واحد وإنما يثبت بشاهدين، وبعد فإن الخبر يقتضي أنه حكم بشاهد ويمين في قصة واحدة وحكم واحد، وتأويلهم هذا يقتضي أنه حكم بالشاهد في شئ وباليمين في آخر فبطل بذلك، ويدل على ما ذهبنا إليه ما رواه جعفر بن محمد عن أبيه عن أمير المؤمنين ع قال: كان النبي ص يقضي بشهادة الشاهد الواحد مع يمين صاحب الحق، وقضى بها علي ع بالعراق وبالإسناد المقدم أن النبي ص وأبا بكر وعمر وعثمان قضوا بالشاهد الواحد مع يمين المدعي.
فإن قالوا: في الخبر الأول يحتمل أن يكون الشاهد خزيمة بن ثابت الذي جعل النبي ع شهادته بمنزلة شهادة اثنين.
قلنا: لو كان كذلك لما استحلفه معه.
فإن تعلقوا بقوله تعالى: واستشهدوا... الآية، وأن هذا يمنع من الشاهد مع اليمين، وربما قالوا: إثبات الشاهد واليمين زيادة في النص والزيادة في النص نسخ.
فالجواب عن ذلك: أن الآية إنما أوجبت ضم الشاهد الثاني إلى الأول وإقامة المرأتين مقام أحد الشاهدين، وليس في الآية نفي العمل بالشاهد واليمين لأن ضم الشاهد الثاني إلى الأول أو جعل المرأتين بدلا من أحدهما أكثر مما يقتضيه أن تكون شرطا في الشهادة، وتعلق الحكم بشرط لا يدل على أن ما عداه بخلافه لأن الشروط قد تخالف بعضها بعضا وتقوم بعضها مقام بعض، أ لا ترى أن القائل إذا قال: إذا زنى الزاني فأقم عليه الحد، فقد اشترط في إقامة الحد الزنى ولا يمتنع أن يجب عليه الحد بسبب آخر من قذف أو غيره، فتناوب الشرط في الأحكام معروف لا يدفعه محصل.
وأما قولهم: إن ذلك نسخ، فليس كل زيادة في النص نسخا وإنما يكون نسخا إذا غيرت حال المزيد عليه وأخرجه من كل أحكامه الشرعية، وقد علمنا أن إقامة الشاهد واليمين مقام الشاهدين لم يغير شيئا من أحكام قبول الشاهدين بل ذلك على ما كان عليه بأن أضيف إليه مرتبة أخرى على أنه لو كان الأمر على ما ذهب إليه أصحاب أبي حنيفة في أن الزيادة في النص نسخ على كل حال من غير اعتبار بما ذكرناه لما جاز أن