وذلك مقتض لاختلال معظم الشروط فيهم، ولبعض ذلك حرم على من لم يتكامل شروط الحكم فيه من أوليائهم النيابة في تنفيذ الأحكام وتقليده ذلك والتحاكم إليه.
واعتبرنا العلم بالحكم لما بيناه من وقوف صحة الحكم على العلم لكون الحاكم مخبرا بالحكم عن الله سبحانه وتعالى ونائبا في إلزامه عن رسول الله ص، وقبح الأمرين من دون العلم، واعتبرنا التمكن من إمضائه على وجهه من حيث كان تقلد الحكم بين الناس مع تعذر تنفيذ الحق يقتضي الحكم بالجور وفيه مع كونه كذلك ما في الحكم بغير علم، واعتبرنا اجتماع العقل والرأي لشديد حاجة الحكم إليهما وتعذره صحيحا من دونهما، واعتبرنا سعة الحلم لتعرضه بالحكم بين الناس للبلوى بسفهائهم فيسعهم بحلمه، واعتبرنا البصيرة بالوضع من حيث كان الجهل بلغة المتحاكمين إليه يسد طريق العلم بالحكم عنه ويمنع من وضعه موضعه، واعتبرنا الورع من حيث كان انتفاؤه لا يؤمن معه الحيف في الحكم لعاجل رجاء أو خوف من غيره سبحانه، واعتبرنا الزهد لأن لا تطمح نفسه إلى ما لم يؤته سبحانه فيبعثه ذلك إلى تناول أموال الناس لقدرته عليها وانبساط يده بالحكم فيها، واعتبرنا التدين من حيث كان تقلد الحكم رئاسة دنيوية أو للاستعلاء على النظراء أو للمعيشة لا يؤمن معه جوره ولا ينفي ضرره، واعتبرنا القوة وصدق العزيمة في تنفيذ الأحكام من حيث كان الضعف مانعا من تنفيذ الحكم على موجبه ومقصرا بصاحبه عن القيام بالحق لصعوبته وعظم المشقة في تحمله.
فمتى تكاملت هذه الشروط فقد أذن له في تقلد الحكم وإن كان مقلده ظالما متغلبا، وعليه متى عرض لذلك أن يتولاه لكون هذه الولاية أمرا بمعروف ونهيا عن منكر تعين فرضها بالتعريض للولاية عليه وإن كان في الظاهر من قبل المتغلب، فهو نائب عن ولي الأمر ع في الحكم ومأهول له لثبوت الإذن منه وآبائه ع لمن كان بصفته في ذلك، ولا يحل له القعود عنه.
وإن لم يقلد من هذه حاله النظر بين الناس فهو في الحقيقة مأهول لذلك بإذن ولاة الأمر، وإخوانه في الدين مأمورون بالتحاكم وحمل حقوق الأموال إليه والتمكين من أنفسهم لحد أو تأديب تعين عليهم لا يحل لهم الرغبة عنه ولا الخروج عن حكمه، وأهل