حكم الاثنين سواء. كل ذلك على ما أورده شيخنا في نهايته على ما حكيناه عنه من طريق أخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا وقد قلنا ما عندنا في ذلك من أن إقرار المقر جائز على نفسه لا يتعداه من قبله إلى غيره في سائر الأحكام الشرعيات.
وإن شهد رجلان على رجل بطلاق امرأته وكان قبل الدخول بها ثم رجعا وجب عليهما نصف المهر الذي شهدا عليه بالطلاق، وإن كان بعد الدخول بها فلا شئ عليهما من المهر لا نصفه ولا جميعه لأن الأصل براءة الذمة فمن أوجب عليهما شيئا فعليه الدلالة، وليس خروج البضع عن ملك الزوج له قيمة كما لو أتلفا عليه ما لا قيمة له فلا يلزمهما الضمان وأما قبل الدخول فيلزمه نصف المهر فيجب أن يغرماه له لأنهما غرماه إياه وأتلفاه بشهادتهما فليلحظ الفرق بين الموضعين.
وهذا مذهب شيخنا أبي جعفر في مسائل خلافه، وقال رحمه الله في نهايته: وإن شهد رجلان على رجل بطلاق امرأته فاعتدت وتزوجت ودخل بها ثم رجعا وجب عليهما الحد وضمنا المهر للزوج الثاني وترجع المرأة إلى الأول بعد الاستبراء بعدة من الثاني.
قال محمد بن إدريس: وقوله رحمه الله: ويضربان الحد، يريد بذلك التعزير فسماه حدا لأنه لا يجب على كل واحد منهما حد كامل لكن هما شاهدا زور فيعزران بحسب ما يراه الإمام ع أو الحاكم من قبله. وقوله: ترجع إلى الأول، فيه نظر لأنهما إذا شهدا بالطلاق عند الحاكم كانا عنده وقت شهادتهما بشرائط العدالة وحكم بشهادتهما وأمضي الحكم وتزوجت المرأة بحكمه. وقوله: فلا تأثير لرجوعهما ولا ينقض الحكم برجوعهما بل يغرمان ما أتلفا وضيعا بشهادتهما من الأموال ولا ينقض الحاكم ما حكم به ولا يرجع عن المشهود له بشئ مما شهدا له به، هذا حكم سائر في جميع الأشياء مجمع عليه عند أصحابنا وإليه يذهب شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه ومبسوطه. قال في مسائل خلافه: مسألة إذا شهد شاهدان بحق وعرفت عدالتهما وحكم الحاكم واستوفى الحق ثم رجعا عن الشهادة لم ينقض حكمه، وبه قال جميع الفقهاء، وقال سعيد بن المسيب والأوزاعي: ينقضه، قال: دليلنا أن الذي حكم به مقطوع به بالشرع ورجوعهم يحتمل الصدق والكذب فلا ينقض به ما قد قطع عليه. هذا آخر كلامه رحمه الله في مسائل الخلاف.