وكل موضع رجع فيه الشهود نظرت فإن ذكروا أنهم أخطؤوا فلا تعزير على واحد منهم وإن قالوا: تعمدنا، كان عليهما التعزير.
إذا حكم الحاكم بشهادة شاهدين ثم بان له أنه حكم بشهادة من لا يجوز الحكم بشهادته نقض الحكم بلا خلاف، فإن كان حكم بإتلاف كالقصاص والقتل والرجم فلا قود هاهنا لأنه عن خطأ الحاكم، وأما الدية فإنها على الحاكم عند قوم وعند آخرين على المزكين وروى أصحابنا: أن ما أخطأت الحكام فعلى بيت المال. فأما إن حكم بالمال نظرت فإن كان عين المال باقية استردها وإن كانت تالفة فإن كان المشهود له هو القابض وكان موسرا غرم ذلك وإن كان معسرا ضمن الإمام حتى إذا أيسر رجع الإمام عليه والفرق بين هذا وبين الدية أن الحكم إذا كان بالمال حصل في يد المشهود له ما يضمن باليد فلهذا كان الضمان عليه، وليس كذلك القتل لأنه ما حصل في يد المشهود له ما يضمن باليد لأن ضمان الإتلاف ليس بضمان اليد فلهذا كان الضمان على الإمام في بيت المال.
وإذا شهدا بسرقة على انسان فقطع ثم جاءا بآخر وقالا: هذا الذي سرق وإنما وهمنا على ذلك، غرما دية اليد ولم تقبل شهادتهما على الآخر وإنما لم تقبل شهادتهما على الآخر وإن لم يحصل فيهما شئ من أسباب الفسق لقلة ضبطهما وتحقيقهما وتعقلهما، ولأجل هذا لا يقبل الحاكم شهادة المغفلين الذين ليس لهم شدة عقول ولا وفور تحصيل وإن كانوا على ظاهر العدالة وليس رجوع الشاهدين عن الشهادة بموجب للفسق ولا لرد شهادتهما على الآخر وإنما ردت لما قلناه.
وينبغي للإمام أن يعزر شهود الزور على ما قدمناه ويشهرهم في أهل محلتهم وسوقهم لكي يرتدع غيرهم عن مثله في مستقبل الأوقات والإشهار: هو أن ينادي في محلتهم ومجتمعهم وسوقهم فلان وفلان شاهدا زور، ولا يجوز أن يشهرا بأن يركبا حمارا وتحلق رؤوسهما ولا أن ينادياهما على أنفسهما ولا أن يمثل بهما.