بهذا متحملا للشهادة على شهادته لأن قوله: أشهد بذلك، ينقسم إلى الشهادة بالحق ويحتمل العلم به على وجه لا يشهد به وهو أن يسمع الناس يقولون: لفلان على فلان كذا، وكذا وقف التحمل لهذا الاحتمال فإذا حقق ما قلنا زال الإشكال. وهذا جميعه أورده شيخنا في مبسوطه فأوردناه على ما أورده ولم يرد في أخبارنا من هذا شئ.
ولا بأس بالشهادة على الشهادة وإن كان الشاهد الأول حاضرا غير غائب إذا منعه من إقامة الشهادة مانع من مرض وغيره، ومن رأى في يد غيره شيئا ورآه يتصرف فيه تصرف الملاك جاز له أن يشهد بأنه ملكه كما أنه يجوز له أن يشتريه على أنه ملكه، وفقه ذلك أنه كما يجوز أن يشتريه ثم يدعيه بعد الشراء ملكا له فلو لا أنه كان يجوز له أن يشهد له بالملك المطلق لما جاز له أن يدعيه ملكا له بعد شرائه منه، وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: فأما الشهادة باليد فلا شبهة في جوازها، وقال بعضهم: يشهد له بالملك، وقال: لأنه لما صح أن يشهد على بيعه ما في يديه صح أن يشهد له بالملك، قال رحمه الله: وروى أصحابنا أنه يجوز له أن يشهد بالملك كما يجوز أن يشتريه ثم يدعيه ملكا له، هذا آخر كلامه رحمه الله.
ولا بأس أن يشهد الانسان على مبيع وإن لم يعرفه ولا عرف حدوده ولا موضعه إذا عرف البائع والمشتري ذلك ويكون شاهدا على إقرارهما بوصف المبيع وقد روي: أنه يكره للمؤمن أن يشهد لمخالف له في الاعتقاد لئلا يلزمه إقامتها فربما ردت شهادته فيكون قد أذل نفسه، وفقه هذه الرواية إنما يكره له أن يتحمل له شهادة ابتداء فأما إن تحملها فالواجب عليه أداؤها وإقامتها إذا دعي إلى ذلك عند من دعي إلى إقامتها عنده سواء ردها أو لم يردها قبلها أو لم يقبلها بغير خلاف لقوله تعالى: ومن يكتمها فإنه آثم قلبه.
ومتى دعي الانسان لإقامة شهادة لم يجز له الامتناع منها على حال إلا أن يعلم أنه إن أقامها أضر ذلك بمؤمن ضررا غير مستحق بأن يكون عليه دين وهو معسر ويعلم إن شهد عليه حبسه الحاكم فاستضر به هو وعياله لم يجز له إقامتها، وإذا أراد إقامة شهادة لم يجز له أن يقيم إلا على ما يعلمه ويتيقنه ويقطع عليه، ولا يعول على ما يجد خطه به مكتوبا أو خاتمه مختوما لما قدمناه من قوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم، وقول الرسول