خلافه ومبسوطه فقال في مبسوطه في الرجوع عن الشهادة: إذا شهد الشهود عند الحاكم بحق فعرف عدالتهم ثم رجعوا لم يخل من ثلاثة أحوال: إما أن رجعوا قبل الحكم أو بعده وقبل القبض أو بعد الحكم والقبض معا، فإن رجعوا قبل الحكم لم يحكم بلا خلاف إلا أبا ثور فإنه قال: يحكم به، والأول أصح. وإن رجعوا بعد الحكم وقبل القبض نظرت فإن كان الحق حدا لله كالزنى والسرقة وحد الخمر لم يحكم بها لأنها حدود تدرأ بالشبهات ورجوعهم شبهة وإن كان حقا لآدمي سقط بالشبهة كالقصاص وحد القذف لم يستوف لمثل ذلك. وأما إن رجعوا بعد الحكم وبعد الاستيفاء أيضا لم ينقض حكمه بلا خلاف إلا سعيد بن المسيب والأوزاعي فإنهما قالا: ينقض، والأول أصح قال رحمه الله: فإذا ثبت أن الحكم لا ينقض فإن المستوفي قد قبض الحق فلا اعتراض عليه، وما الذي يجب على الشهود قال رحمه الله: لا يخلو المستوفي من ثلاثة أحوال: إما أن يكون إتلافا مشاهدة كالقتل والقطع أو حكما كالطلاق والعتق أو لا مشاهدة ولا حكما كنقل المال من رجل إلى آخر، قال: وإن شئت قلت: لا يخلو أن يكون إتلافا أو في حكم الإتلاف أو خارجا عنهما، ثم ذكر رحمه الله رجوعهما عن الشهادة بالقتل والقطع في السرقة وشرحه ثم ذكر رجوعهما عن الطلاق وإلزامهما المهر وشرحه وقال: إما أن يكون قبل الدخول أو بعده فإن كان بعد الدخول فلا مهر عليهما وإن كان قبل الدخول ثم رجعا فإن الحاكم لا ينقض حكمه وعليهما الضمان لنصف المهر المسمى. ولم يتعرض لما ذكره في نهايته من رجوعهما إلى الزوج الأول بل قال:
فإن الحاكم لا ينقض حكمه، فإذا حرمها الحاكم على الثاني ورجعها إلى الأول على ما قال في نهايته فقد نقض حكمه، ثم قال بعد ذلك رحمه الله: فأما إذا لم يكن إتلافا مشاهدة ولا حكما وهو إن شهدا بدين وحكم بذلك عليه ثم رجعا فهل عليهما الضمان للمشهود عليه أم لا؟ قال قوم: لا ضمان عليهما، وقال آخرون: عليهما الضمان، وكذلك قالوا في من أعتق عبدا في يده أو وهبه وأقبضه ثم ذكر إنه كان لزيد فهل عليهما قيمته لزيد على قولين لأنه أقر به بعد أن فعل ما حال بينه وبينه بغير حق، قال رحمه الله:
والأقوى عندي أن عليهما الضمان للمشهود عليه وكذلك تلزم القيمة للمعتق لعبده لمن أقر له به. هذا آخر ما ذكره شيخنا في مبسوطه فأوردته لأنه كلام سديد في موضعه وجملة نافعة كثيرة الفقه.