وإذا شهد العبد على سيده بعد أن يعتق قبلت شهادته عليه، وإذا أشهد رجل عبدين له على نفسه بالإقرار بوارث فردت شهادتهما وجاز الميراث غير المقر له فأعتقهما أو لحقهما العتاق بعد ذلك ثم شهدا للمقر له قبلت شهادتهما له ورجع بالميراث على من كان أخذه وحازه ورجعا عبدين لمن شهدا له، فإن قيل: أنتم قلتم لا تقبل شهادة العبيد على ساداتهم وههنا قد قبلتم شهادتهم على سيدهم. قلنا: معاذ الله إنما شهدا في حال الحرية دون العبودية فوقت شهادتهما لم يكن لهما سيد يشهدان عليه وإنما تجدد الرق بعد شهادتهما، بل إن قيل: شهدا لسيدهما الحقيقي كان صحيحا. وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: فإن ذكرا أن مولاهما كان أعتقهما في حال ما أشهدهما لم يجز للمقر أن يردهما في الرق وتقبل شهادتهما في ذلك لأنهما أحييا حقه. وهذا غير واضح ولا مستقيم لأن هذه الشهادة الأخيرة تكون شهادة على سيدهما وقد بينا أنه لا يجوز شهادة العبيد على ساداتهم بغير خلاف بين أصحابنا وإن كان قد ذهب شيخنا أبو جعفر في استبصاره متأولا للأخبار إلى أن شهادة العبيد لا تقبل لساداتهم أيضا وهذا أيضا غير مستقيم ولا واضح بل الاجماع منعقد على جواز شهادتهم لساداتهم وهو موافق لهذا القول في نهايته فلا يلتفت إلى قوله الذي يخالف فيه الاجماع.
ولا بأس بشهادة المكاتبين والمدبرين وتقبل شهادة المكاتبين المطلقين بمقدار ما عتقوا - بفتح العين يقال: عتق العبد في نفسه وأعتقه غيره - على ساداتهم ولي فيه نظر، فأما شهادة المدبرين فحكمهم حكم العبيد في الشهادا ت حرفا فحرفا، وكل من ذكرنا من العبيد والمكاتبين والمدبرين تقبل شهاداتهم على أهل الاسلام إلا من استثنيناهم من ساداتهم ولأهل الاسلام ولمن خالف الاسلام من الأحرار والعبيد في سائر الحقوق والحدود وغير ذلك مما تراعى فيه الشهادة. وتجوز شهادة الصبيان دون الصبايا إذا بلغوا عشر سنين فصاعدا إلى أن يبلغوا في شيئين فحسب " الشجاج والقصاص " ويؤخذ بأول كلامهم ولا يؤخذ بآخره ولا تقبل شهادتهم فيما عدا ذلك من جميع الأحكام، وإذا أشهد الصبي على حق ثم بلغ وعدل وذكر ذلك جاز له أن يشهد بذلك وقبلت شهادته إذا كان من أهلها على ما قدمناه.