ويشهد على شهادته وهو لا يأمن أن يكون في الأول كاذبا كما كان عند إنكاره لشهادة الفرع كاذبا؟ وأيضا الحاكم إذا رجع الشاهد قبل الحكم بشهادته لم يحكم بها بغير خلاف، وأيضا الأصل ألا حكم ولا شهادة وبقاء الأموال على أربابها وهذا حكم شرعي فمن ادعى إثباته يحتاج إلى دليل شرعي ولا دليل على ذلك من كتاب الله ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع والأصل معنا وهو نفي الأحكام الغير معلومة بأدلة العقول إلى أن يقوم دليل سمعي على إثباتها، وأيضا قوله: ولا تقف ما ليس لك به علم، يشيد ذلك ويعضده. وأيضا فالصحيح من أقوال أصحابنا المحصلين أن شهادة الفرع ما تجوز إلا بعد تعذر حضور شاهد الأصل وفي هذه المواضع شاهد الأصل حاضر فلا يجوز قبول شهادة الفرع فليلحظ ذلك.
لا مدخل للنساء في الشهادة على الشهادة سواء كان الحق مما يشهد فيه النساء أو لا يشهدن فيه.
إذا شهد شاهد الفرع على شهادة الأصل لم يخل من ثلاثة أحوال:
إما أن يسميا الأصل ويعدلاه أو لا يعدلاه ولا يسمياه أو يسمياه ولم يعدلاه. فإن سمياه وعدلاه ثبتت عدالته وشهادته لأنهما عدلان، وإن عدلاه ولم يسمياه لم يحكم بقولهما، وإن سمياه ولم يعدلاه سمع الحاكم هذه الشهادة وبحث عن عدالة الأصل فإن ثبتت عدالته حكم وإلا وقف. ويصير شاهد الفرع متحملا لشهادة شاهد الأصل بأحد أسباب ثلاثة:
أحدها: الاسترعاء وهو أن يقول شاهد الأصل لشاهد الفرع: أشهد أن لفلان بن فلان على فلان بن فلان درهما فاشهد على شهادتي، فهذا هو الاسترعاء.
الثاني: أن يسمع شاهد الفرع شاهد الأصل يشهد بالحق عند الحاكم فإذا سمعه يشهد به عند الحاكم صار متحملا لشهادته.
الثالث: أن يشهد الأصل بالحق ويعزيه إلى سبب وجوبه فيقول: أشهد أن لفلان بن فلان على فلان بن فلان ألف درهم من ثمن ثوب أو عبد أو دار أو ضمان ونحو هذا فإذا عزاه إلى سبب وجوبه صار متحملا للشهادة.
فأما إن لم يكن هناك استرعاء ولا سمعه يشهد عند حاكم ولا عزاه إلى سبب وجوبه مثل أن سمعه يقول: أشهد أن لفلان بن فلان على فلان بن فلان درهما، فإنه لا يصير