بينة على ذلك؟ فإن قال: نعم هي حاضرة، نظر في بينته بعد سؤاله، وإن قال: نعم غير أنها ليست حاضرة، فلا يقول له الحاكم: أحضرها، بل يتركه إلى أن يحضر بينته ويسأله سماعها.
وقال شيخنا في نهايته: قال له: أحضرها، وقد رجع عن هذا القول في مبسوطه.
وإن قال المدعي: لست أتمكن من إحضارها، قال شيخنا في نهايته: جعل معه مدة من الزمان ليحضر فيه بينته وتكفل لخصمه، ورجع عن هذا القول في مسائل خلافه فقال مسألة: إذا ادعى على غيره حقا فأنكر المدعى عليه، فقال المدعي: لي بينة غير أنها غائبة، لم يجب له ملازمة المدعى عليه ولا مطالبته له بكفيل إلى أن يحضر البينة، وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة: له المطالبة بذلك وملازمته، قال رحمه الله: دليلنا أن الأصل براءة الذمة ومن أوجب ذلك فعليه الدلالة، هذا آخر كلامه في مسائل خلافه وهو الحق اليقين لأن فيه الدليل ولا دليل على ما خالف ذلك.
وإن قال: لا بينة لي، قال له: فما تريد؟ فإن قال: تأخذ لي بحقي من خصمي، قال للمنكر: أ تحلف له؟ فإن قال: نعم، أقبل على صاحب الدعوى فقال له: قد سمعت أ فتريد يمينه؟ فإن قال: لا، أقامهما ونظر في حكم غيرهما، وإن قال: نعم أريد يمينه، رجع إليه فوعظه وخوفه بالله تعالى، فإن أقر الخصم بدعواه ألزمه الخروج إليه مما ادعاه عليه بعد سؤاله، فإن قال المنكر عند توجه اليمين عليه: يحلف هذا المدعي على صحة دعواه وأنا أدفع إليه ما ادعاه، قال الحاكم للمدعي: أ تحلف على صحة دعواك؟
فإن حلف ألزم خصمه الخروج إليه مما حلف عليه بعد سؤاله، وإن أبي اليمين بطلت دعواه.
وإن أقام المدعي البينة فذكر المدعى عليه أنه قد خرج إليه من حقه كان عليه البينة بأنه قد وفاه الحق، فإن لم يكن له بينة وطالب صاحب البينة بأن يحلف بأنه ما استوفى ذلك الحق منه كان له ذلك، فإن امتنع من ذلك خصمه وأبي أن يحلف أنه لم يأخذ حقه بطل حقه، وإن قال المدعي: ليس معي بينة، وطلب من خصمه اليمين فحلفه الحاكم ثم أقام بعد ذلك البينة على صحة ما كان يدعيه لم يلتفت إلى بينته وأبطلت،