كل مجتهد مصيبا.
وإذا دخل الخصمان عليه وجلسا وأراد كل واحد منهما الكلام ينبغي له أن يأذن للذي سبق بالدعوى، فإن ادعيا جميعا في وقت واحد فالذي رواه أصحابنا: أنه يأمر من هو على يمين خصمه أن يتكلم ويأمر الآخر بالسكوت إلى أن يفرع من دعواه.
وإذا دخل عليه الخصمان فلا يبدأ أحدهما بالكلام منفردا وذلك على طريق الكراهة، فإن سلما أو سلم أحدهما رد السلام دون ما سواه، ويستحب أن يكون نظره إليهما واحدا ومجلسهما بين يديه على السواء لا أن ذلك واجب على من يتوهمه من لا بصيرة له بهذا الشأن.
ولا ينبغي للحاكم أن يسأل الخصمين والمستحب له تركهما حتى يبدءا بالكلام، فإن صمتا ولم يتكلما فله أن يقول لهما حينئذ: إن كنتما حضرتما لشئ فاذكراه، فإن بدأ أحدهما بالدعوى سمعها ثم أقبل على الآخر فسأله عما عنده فيما ادعاه خصمه، فإن أقر به ولم يرتب بعقله واختياره ألزمه الخروج إليه منه بعد سؤال صاحب الحق، فإن خرج وإلا إن كان له مال ظاهر من جنس الحق الذي أقر به لخصمه سلم الحاكم إلى الخصم من ذلك ما له، وإن كان من غير جنس الحق باعه عليه وقضي دينه منه، إن لم يكن له مال ظاهر وإلا أمر خصمه بملازمته حتى يرضيه، فإن التمس الخصم حبسه على الامتناع من أداء ما أقر به، فإن عرف الحاكم أنه معدم فقير خلي سبيله، فإن لم يعرف من حاله شيئا حبسه له، فإن ظهر له بعد أن حبسه أنه معدم فقير لا يرجع إلى شئ ولا يستطيع الخروج مما أقر به عليه خلي سبيله وأمره أن يتمحل يعني يتكسب ويحتال قال الشاعر:
وقالت: تمحل لي بحج فإنني أرى الناس يعتدون للحج أرجلا فقلت لها: والله مالي حيلة فما ذا عسيت اليوم أن أتمحلا حق خصمه ويسعى في الخروج مما عليه.
وإن ارتاب الحاكم بكلام المقر وشك في صحة عقله أو اختياره الإقرار توقف عن الحكم عليه حتى يستبرئ حاله، وإن أنكر المدعى عليه ما ادعاه المدعي سأله: أ لك