الأصمعي: سمعت حماد بن سلمة يقول: من لحن في حديثي فليس يحدث عني. وقال أبو داود السنجي: سمعت الأصمعي يقول: إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي ص: من كذب على فليتبوأ مقعده من النار، لأنه لم يكن يلحن فمهما رويت عنه ولحنت كذبت عليه.
وروي عن عمر بن الخطاب: أنه اجتاز بقوم يرمون فأساؤوا الرمي، فقالوا: يا أمير المؤمنين نحن قوم متعلمين، فقال عمر: لإساءتكم في لحنكم شر من إسائتكم في رميكم رحم الله امرءا أصلح من لسانه، وقال: تعلموا العربية فإنها تثبت العقل. وقيل للحسن البصري: إن لنا إماما يلحن، فقال: أخروه. وكان ابن عمر يضرب ولده على اللحن.
وروي عن الصادق ع أنه قال: نحن قوم فصحاء فإذا رويتم الأخبار عنا فأعربوها. ولأن الفقيه لو سأله سائل فقال له: ما تقول في ظبي رميته بسهمي فاحتمله ومضى به وغاب عن عيني ووجدته بعد ذلك ميتا؟ فالجواب من الفقيه أن يقول له: لا تأكله فإنه منهي عنه لقول الرسول ع: كل ما أصميت ودع ما أنميت، فقال له: ما معنى أصميت وأنميت؟ فقال له الفقيه: لا أدري، فقال له المستفتي: فتنهاني عن شئ بقول لا تدري ما هو قال محمد بن إدريس: أصميت الرمية إذا قتلتها في مكانها من غير أن تحمل السهم وتعدو به، وأنميت الرمية إذا احتملت بالسهم ومضت به. قال امرؤ القيس مادحا للرامي:
هو لا تنمي رميته ما له لا عد من نفر فلهذا احتاج إلى اللغة.
ويكون ورعا من محارم الله تعالى زاهدا في الدنيا متوفرا على الأعمال الصالحات مجتنبا للكبائر والسيئات شديد الحذر من الهوى حريصا على التقوى، فإذا كان بالصفات التي ذكرناها جاز له أن يتولى القضاء والفصل بين الناس.
ولا ينعقد له القضاء إلا بولاية إمام المسلمين وإذنه، وإذا أراد أن يجلس للقضاء ينبغي ويستحب له أن ينجز حوائجه التي تتعلق نفسه بها ليتخلى ويفرع للحكم ولا يشغل قلبه بغيره.