ونهاه وأغلظ له في النهي وصاح عليه ولا يعجل عليه بالتعزير لئلا يكون جاهلا بذلك، فإن عاد ثالثا فقد فعل ما يستحق به التأديب والتعزير، فإن كان قويا لا يكفه [إلا] التعزير عزره، وإن كان ضعيفا لا يحتمل الضرب حبسه وأدبه بالحبس دون الضرب، وإن رأى أن المصلحة في ترك ذلك كله فعل.
وإذا أغلظ للحاكم في القول فقال [حكمت على بغير حق نهاه] فإن عاد وقد استحق [التعزير - ظ] على ما يراه [الحاكم].
وينبغي للحاكم أن لا يكون ضعيفا مهينا لأنه لا يهاب فربما جرت بالمشاتمة، وينبغي أن يكون فيه شدة من غير عنف ولين من غير ضعف فهو أولى وأحق بالمقصود.
فإن حدثت حادثة وأراد الحكم فيها فإن كان عليها دليل من نص كتاب أو سنة أو إجماع عمل في الحكم فيها عليه، وإن لم يكن عليها دليل على جملة أو تفصيل ولا غير ذلك من الحجج وكانت مبقاة على الأصل رجع في ذلك إليه.
ولا يجوز أن يقلد غيره في حكم [و] لا يشاور فيه ولا يستفتي غيره ثم يحكم بتلك الفتيا لأن الحاكم ينبغي أن يكون عالما بما وليه فإن اشتبه عليه بعض الأحكام ذاكر أهل العلم لتفقهه في ذلك على الدليل.
والقضاء لا ينعقد للقاضي إلا بأن يكون من أهل العلم والعدالة والكمال، وكونه عالما بأن يكون عارفا بالكتاب والسنة والإجماع والاختلاف ولسان العرب، وأما القياس فلسنا نعتبره لأن استعماله في الشريعة عندنا باطل.
فأما الكتاب فيفتقر في تعرفه إلى المعرفة بأشياء وهي: العام والخاص والمحكم والمتشابه والمفسر والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ، فأما العموم والخصوص لئلا يتعلق بعموم قد دخله الخصوص مثل قوله سبحانه: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، هذا عام في كل مشركة حرة كانت أو أمة وقوله تعالى: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، خاص في الحرائر فلو تمسك بالعموم غلط وكذلك قوله: فاقتلوا المشركين، عام وقوله: من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية، خاص في أهل الكتاب.
وأما المحكم والمتشابه ليقضي بالحكم وبالمفسر كقوله: أقيموا الصلاة، وهذا غير