للناس مثل فضاء واسع أو رحبة أو ما أشبه ذلك ليصل من كانت له حاجة من غير مزاحمة فيكون في ذلك رفق بهم، ويستحب أيضا أن يكون هذا الموضع في وسط البلد لأنه أقرب ما يكون إلى المساواة بين الناس، فإن جلس في طرف البلد أو حكم في بيته أو في موضع ضيق كان جائزا.
ويستحب أن يصل إليه في مجلس حكمه كل أحد، ولا يتخذ صاحبا يحجب الناس عن الوصول إليه، ويجوز أن يتخذ الحاجب لغير ذلك لما روي عنه ص أنه قال: من ولى شيئا من أمور الناس فاحتجب دون حاجتهم وفاقتهم احتجب الله دون حاجته وفاقته وفقره. فأما جلوسه للحكومة في المساجد فجائز وقد روي: أن أمير المؤمنين ع كان يقضي في مسجد الكوفة، ودكة القضاء فيه معروفة إلى هذا الوقت لا يختلف أحد فيها وأما إقامة الحدود فمكروهة فيها بغير خلاف.
ولا ينبغي للحاكم أن يحكم وهو غضبان، ويستحب له إذا غضب ترك الحكم إلى أن يزول عنه الغضب ثم يقضي بين الناس بعد ذلك لما روي عنه ص أنه قال: لا يقضي القاضي ولا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان، وكل أمر يكون معه في معنى الغضبان فحكمه حكم الغضبان في تركه الحكم حتى يزول عنه ذلك مثل الجوع الشديد والعطش الشديد والغم الشديد والفرح الشديد والوجع الشديد ومدافعة الأخبثين والنعاس الغامر للقلب كل ذلك سواء فيما ذكرناه لما روي عنه ص أنه قال: لا يقضي القاضي وهو غضبان مهموم ولا مصاب محزون ولا يقضي وهو جائع، فإن خالف وقضى بين الناس وهو على الصفة التي ذكرناها فوافق الحق نفذ حكمه ولا ينقض حكمه.
ويكره تولى البيع والشراء بنفسه لما روي عنه ص أنه قال: ما عدل وال اتجر في رعيته أبدا.
ولا ينظر في ضيعته ونفقة عياله بل يوكل من ينوب عنه في ذلك لأن جميع ذلك ما يشغله من القضاء، ويستحب أن يكون وكيله مجهولا لأنه إذا عرف خون لأجل الحكم وكان وكيله جار مجراه، فإن [خالف في هذا فباع] واشترى بنفسه كان التصرف