وأنفذ بخصمه إليه ليحكم بينهما، وإن لم يكن هناك خليفة وكان فيه من يصلح أن يحكم بينهما كتب إليه رقعة وجعل النظر بينهما إليه، فإن لم يكن له ذلك في الموضع و لا وال فيه قال لخصمه: حرر دعواك عليه، فإذا حررها أعدى عليه. وإن كان غائبا في غير ولايته مثل أن يكون الحاكم ببغداد فغاب إلى بصرة والبصرة في غير ولايته فإنه يقضى على غائب.
وإن كانت امرأة وكانت بارزة فهي كالرجل، فإن كانت مخدرة بعث إليها من يقضى بينها وبين خصمها في منزلها، والبارزة هي التي تبرز لقضاء حوائجها بنفسها والمخدرة هي التي لا تخرج لذلك.
فإذا حضر قيل له: ادع الآن، فإن ادعى لم يسمع الدعوى إلا محررة. فأما إن قال:
لي عنده فرش أو ثوب أو حق، لم يسمع دعواه لأن الدعوى لها جواب فربما كان ب " نعم " وليس على الحاكم أن يقضي به عليه لأنه مجهول، فإذا كان كذلك فلا بد من تجديد الدعوى، كانت من الأثمان أو من جنس غيرها صحت مع تحريره لها أن يذكر الجنس والمقدار أو النوع أو ما أشبه ذلك مما يخرجها عن أن تكون مجهولة، فإذا كان كذلك لم يكن للحاكم المطالبة بالجواب من غير مسألة المدعي لأن الجواب حق للمدعي فليس للحاكم مطالبته به من غير مسألة كنفس الحق، فإذا طالبه بالجواب بالمسألة كان ذلك بأن يقول له: ما تقول فيما يدعيه؟
فإن أقر عند ذلك بالحق ألزمه القيام لخصمه به لأنه لو قامت عليه بينة بذلك ألزمه، فبأن يلزمه باعترافه أولى وإلزامه القيام به يكون بأن يقول: ألزمتك ذلك أو قضيت به عليك أو أخرج له منه، فإذا قال ذلك له كان حكما بالحق. فإن سأله المدعي أن يكتب له محضرا حجة له في يده بحقه فعل ذلك.
وإن لم يقر بالحق وأنكرها فقال: لا حق لك قبلي، كان هذا موضع البينة، فإن كان المدعي لا يعرف له موضع البينة كان للحاكم أن يقول له: أ لك بينة؟ فإن كان عارفا بأنه وقت البينة فالحاكم مخير بين أن يسكت أو يقول له: أ لك بينة؟ فإذا قال:
أ لك بينة؟ فإن لم يكن له بينة عرفه الحاكم بأن لك يمينه، فإذا عرف ذلك لم يكن