متساويين في الدين مسلمين كانا أو كافرين، فإن كان أحدهما مسلما والآخر كافرا فلا ينبغي أن يساوى بينهما في المجلس.
وإذا جلس الخصمان بين يديه لم يجز له تلقين واحد منهما بما فيه ضرر على الآخر، ولا يهديه إليه مثل أن يقصد إلى الإقرار فيلقنه الانكار أو يقصد اليمين ولا يجعل أحدهما أقرب إليه في الجلوس من الآخر، وهكذا في الشهادة إن أحس من الشاهد التوقف فيها لم يكن له أن يشير عليه بالإقدام عليها وإن أحس منه الإقدام عليها لم يلقنه التوقف عنها، فإذا لقن واحدا منهما فقد ظلم الآخر وأفضي إلى إيقاف حقه هذا فيما يتعلق بحقوق الآدميين، فأما ما يتعلق بحقوق الله تعالى فإنه يجوز التلقين فيها والتنبيه على ما يسقطها.
وإذا جلسا بين يديه جاز أن يقول: تكلما، يريد بذلك يتكلم المدعي منكما أو يصرح بهذا، يقول: يتكلم المدعي منكما، أو يسكت الحاكم ليقول القائم على رأسه لهما ذلك لأنهما قد نهيا عن الابتداء بالكلام حتى يأذن لهما وإن سكت ولم يقل لهما شيئا إلى أن يبتدئ بالكلام كان جائزا.
ولا يقول لواحد منهما: تكلم، لأنه إذا أفرده بالخطاب كسر قلب الآخر. وإذا ابتدأ أحدهما بالكلام وجعل يدعي على خصمه منع الأخير من مداخلته لأنه يفسد عليه نظام الدعوى.
وأقل ما على الحاكم أن يمنع كل واحد من أن ينال من عرض صاحبه لأنه جلس للفصل والانفصال بين الناس، وأقل ما عليه أن لا يمكن أحدهما من ظلم الآخر ولا من الحيف عليه، ولا يجوز له أن يضيف أحد الخصمين دون صاحبه إما أن يضيفهما معا أو يتركهما معا.
ولا يجوز له أن يرتشي في الأحكام لأن الراشي والمرتشي ملعونان وذلك حرام على المرتشي على كل حال ووجه، فإن كان الراشي قد رشاه على تغيير حكم أو إيقافه فهو حرام على ما قدمناه وإن كان لإجرائه على رسم له أو واجبه لم يحرم عليه ذلك.
وأما الهدية فإن من لم يكن له بمهاداته عادة حرم عليه قبولها، فإن كان من جرت له