بمهاداته عادة كالصديق والملاطف والقريب فأهدى إليه هدية تتعلق بحكومة بينه وبين غيره أو أحس بأنه قدمها بالحكومة بين يديه حرم ذلك عليه كالرشوة، وإن لم يكن شئ من ذلك جاز قبولها والأفضل له أن ينزه عن أخذها.
وإذا حضر مسافرون ومقيمون وكان الذي سبق هم المسافرون قدمهم لأنه ينبغي أن يقدم السابق فالسابق من أهل البلد وكذلك المسافر بل هو أولى، وإن وافدا معا أو تأخر المسافرون فإن كان بهم قلة من حيث لا يضر تقدمهم بأهل البلد كان مخيرا بين تقديمهم وبين أن يفرد يوما يفرع فيه من حكوماتهم لأن المسافر على شرف السفر والرجل يكثر شغله ويزدحم حوائجه فلهذا قدم، وإن كانوا مثل المقيمين أو أكثر كأيام الموسم في مكة والمدينة كانوا هم والمقيمون سواء لأن في تقديمهم إضرارا بأهل البلد وفي تأخيرهم إضرارا بهم فكانوا سواء.
وينبغي للحاكم أن يجلس في مكان بارز للناس مثل الصحراء أو رحبة أو مكان واسع إلا من ضرورة من مطر أو غيره فيجلس في بيته أو في المسجد ويتقدم إلى ثقة ليحفظ من جاء أولا ويضبط: قد جاء فلان أولا ثم فلان ثم فلان، على هذا أبدا.
فإذا حكم الحاكم قدم الأول فالأول، فإن كان عددهم قليلا يمكن الإقراع بينهم أقرع بينهم فمن خرج قرعته قدمه، وإن كثرت وتعذرت القرعة كتب الحاكم أسماءهم في رقاع وجعلها بين يديه ومد يده وأخذ رقعة بعد رقعة أخرى كما سبق.
فإذا قدم إنسانا بالسبق أو بالقرعة أو بالرقعة فحكم بينه وبين خصمه وفرع منهما أمرهما بالقيام وقدم غيرهما، فإن قال الأول: لي حكومة أخرى، لم يلتفت إليه وقال له:
قد حكمت بينك وبين خصمك بحكمك فإما أن تنصرف أو تصبر حتى أفرع من الناس، فإنه لو قضى بينه وبين من يخاصمه أدى ذلك إلى أن يستغرق المجلس لنفسه فلذلك لا يزاد على واحدة.
فإذا تقدم غيره فادعى فإن شاء ادعى على المدعى عليه أولا وإن شاء ادعى على المدعي الأول وإن شاء ادعى المدعى عليه أولا على المدعي الأول فإنه يحكم بينهما لأنا إنما نعتبر الأول فالأول في المدعي وأما في المدعى عليه فلا، فإذا فرع وبقي واحد حكم