أن تكون شهادته تبطل حقا قد علمه فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يجوز له أن يمتنع من تحمل الشهادة إلا أن يضر بالدين أو بأحد من المؤمنين، وإن نسي الشهادة أو شك فيها فلا يقيمها، وإذا حضروه كتابا فيه خطه فلا يشهد إلا مع الذكر له اللهم إلا أن يقيم معه عدل آخر الشهادة فيجوز له حينئذ أن يشهد معه. والشهادة على شهادة العدول تحسب شهادتان بواحدة، وليعين أنه شهد على شهادة غيره.
فأما كيفية سماع البينات: يفرق الحاكم بين الشهود ويسمع قول كل واحد منهم على انفراده ويأمره بكتبه، وينظر في كتبه كي لا يغلط. ثم يقيم الشاهد الأول، ويحضر الثاني فيفعل معه مثل الأول ويكتب الدعوى، ثم يقابل بين الدعوى وشهادة الشهود فإن اتفقت الدعوى والشهادة أنفذ الحكم، وإن اختلفا أبطل الشهادة. ومتى تلعثم الشاهد أو تتعتع فلا يسددنه الحاكم ولا يلقننه، فإن استقامت شهادته وإلا أبطلها.
وليسأل عمن شهد عنده - وهو لا يخبر أمره - جيرانه ومعامليه فإن زكوه أمضي شهادته وإلا أبطلها، ولا يحكمن بها إلا بعد التعريف فيه. وإذا تعارضت البينات فإن كانت أحدهما أرجح حكم بها وإلا قسم الشئ بين من قامت لهما البينات، فإن كان المدعي في يد المدعيين مع تعارض البينة حكم لمن يده خارجة منها دون المتشبث. وأي بينة قامت على انسان بعد اليمين فهي على ضربين:
أحدهما: أن يكون شرط الحالف أن يمحو عنه المدعي كل دعوى فأذعن بذلك فلا حكم لهذه البينة.
والأخرى: تقوم على ما حلف من غير شرط فيلزمه الحاكم ما قامت به البينة.