المعرض للأمر، ومعنى الآية على الأول أن الرجل كان يحلف على بعض الخيرات من صلة رحم أو إصلاح ذات بين أو إحسان إلى أحد ثم يقول: أخاف الله أن أحنث في يميني فيترك البر في يمينه، فقيل لهم: فلا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه.
وسمي المحلوف عليه يمينا لتلبسه باليمين، كما قال رسول الله ص لعبد الرحمن بن سمارة: إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فات الذي هو خير، أي على شئ مما يحلف عليه، وقوله: أن تبروا وتتقوا وتصلحوا، عطف بيان لأيمانكم، أي للأمور المحلوف عليها التي هي البر والتقوى والإصلاح بين الناس.
مسألة:
فإن قيل: بم تعلقت اللام في قوله بأيمانكم؟
قلنا: بالفعل، أي ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم حجازا، ويجوز أن يكون اللام للتعليل ويتعلق " أن تبروا " بالفعل أو بالعرضة، أي لا تجعلوا الله لأجل أيمانكم عرضة لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به، ولذلك ذم من أنزل فيه " ولا تطع كل حلاف مهين " بأشنع المذام، وجعل كونه حلافا مقدمتها وأن تبروا علة للنهي، أي إرادة أن تبروا وتتقوا وتصلحوا لأن الحلاف مجترئ على الله غير معظم له فلا يكون متقيا ولا يثق به الناس فلا يدخلونه في وسائطهم وإصلاح ذات بينهم.
" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " أي لا يلزمكم الكفارة بلغو اليمين الذي لا قصد معه ولكن يعاقبكم بما اقترفته قلوبكم من إثم القصد إلى الكذب في اليمين، وهو أن يحلف على ما يعلم أنه خلاف ما يقوله.