وبين ما ذكرناه في الرغيفين والثوبين أن هناك يمينا واحدا وهنا يمينان لأن تقدير ذلك:
لا كلمت زيدا ولا كلمت عمروا، وإنما دخلت الواو نائبة مناب تكرير الفعل كأنه أراد أن يقول: لا كلمت زيدا ولا كلمت عمروا، فقال: وعمروا.
وإذا حلف لا يأكل سمنا وكان السمن جامدا فأكله وحده أو مع الخبز حنث، وإن كان مائعا فأكله مع الخبز أيضا حنث وإن شربه لم يحنث لأنه حلف أن لا يأكله فإذا شربه لم يحنث، فإن كان الخبيص معمولا بسمن فأكله وكان السمن ظاهرا فيه حنث وإن كان مستهلكا لم يحنث، وكذلك إذا حلف لا يأكل خلا فأكل مرقة فيها خل ظاهر فإنه يحنث وإن كان مستهلكا لم يحنث.
وإذا حلف لا يأكل هذه الثمر فوقعت في ثمرة فأكل جميعه إلا واحدة، فإن تيقن أنه قد أكل التي حلف عليها حنث وإن تيقن أنه لم يأكلها لم يحنث، وإن أشكل عليه الأمر فيها لم يحنث لأن الأصل أنه ما حنث ولا يحنث بالشك، وإذا حلف لا آكل هذه الحنطة أو من هذه الحنطة فأكلها على جهتها أو بعد إن طحنها وصارت دقيقا حنث لأن العين الذي تعلقت اليمين بها واحدة.
وكان الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله قد قال لي يوما في الدرس: إن أكلها على جهتها حنث وإن أكلها دقيقا أو سويقا لم يحنث، فقلت له: ولم ذلك وعين الدقيق هي عين الحنطة وإنما تغيرت بالتقطيع الذي هو الطحن؟ فقال: قد تغيرت عما كانت عليه وإن كانت العين واحدة وهو حلف أن لا يأكل ما هو مسمى بحنطة لا ما يسمى دقيقا، فقلت له: هذا لم يجز في اليمين فلو حلف لا أكلت هذه الحنطة ما دامت تسمى حنطة كان الأمر على ما ذكرت فإنما حلف أن لا يأكل هذه الحنطة أو من هذه الحنطة، فقال: على كل حال قد حلف أن لا يأكلها وهي على صفة وقد تغيرت عن تلك الصفة فلم يحنث، فقلت: الجواب هاهنا مثل ما ذكرته أولا وذلك إن كنت تريد أنه حلف أن لا يأكلها وهي على صفة أنه أراد وهي على تلك الصفة فقد تقدم ما فيه فإن كنت لم ترد ذلك فلا حجة فيه ثم يلزم على ما ذكرته أنه لو حلف أن لا يأكل هذا الخيار أو هذا التفاح ثم قشره