لم يتجاوز حدا من حدود الإيمان أو يكون مطيعا - في معصية الله تعالى - من نصبه من سلطان الضلال، فإن كان على وفاق للظالمين في شئ يخالف الله تعالى به لم يجز لأحد من المؤمنين معونته فيه وجاز لهم معونته بما يكون به مطيعا لله تعالى من إقامة حد وإنفاذ حكم على حسب ما تقتضيه الشريعة دون ما خالفها من أحكام أهل الضلال.
وللفقهاء من شيعة آل محمد ص أن يجمعوا بإخوانهم في الصلوات الخمس وصلوات الأعياد والاستسقاء والخسوف والكسوف إذا تمكنوا من ذلك وأمنوا فيه من معرة أهل الفساد، ولهم أن يقضوا بينهم بالحق ويصلحوا بين المختلفين في الدعاوي وعند عدم البينات ويفعلوا جميع ما جعل إلى القضاة في الاسلام لأن الأئمة ع قد فوضوا إليهم ذلك عند تمكنهم منه بما ثبت عنهم فيه من الأخبار وصح به النقل عند أهل المعرفة من الآثار.
وليس لأحد من فقهاء الحق ولا من نصبه سلطان الجور منهم للحكم أن يقضي في الناس بخلاف الحكم الثابت عن آل محمد ص إلا أن يضطروا إلى ذلك للتقية والخوف على الدين والنفس، ومهما اضطر إليه في التقية فجائز له إلا سفك دماء أهل الإيمان فإنه لا يجوز على حال اضطرار ولا اختيار ولا على وجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب.
ومن ولى ولاية من قبل الظالمين فاضطر إلى إنفاذ حكم على رسم لهم لا يجوز في الدين مع الاختيار فالتقية توسع عليه ذلك فيما قد رسمه غيره من الناس، ولا يجوز له استئنافه على الابتداء ولا يجوز له إنفاذ رسم باطل مع الاختيار على حال ولا تقية في الدماء خاصة على ما ذكرناه وبينا القول فيه وأكدناه.
ولا يجوز لأحد أن يختار النظر من قبل الفاسقين في شئ من تدبير العباد والبلاد إلا بشرط بذل الجهد منه في معونة أهل الإيمان والصيانة لهم من الأسواء وإخراج الخمس من جميع ما يستفيده بالولاية من الأموال وغيرها من سائر الأغراض.
ومن تأمر على الناس من أهل الحق بتمكين ظالم له وكان أميرا من قبله في ظاهر الحال فإنما هو أمير في الحقيقة من قبل صاحب الأمر الذي سوغه ذلك وأذن له فيه دون