فالواجب على أهل الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب الإمكان وشرط الصلاح، فإذا تمكن الانسان من إنكار المنكر بيده ولسانه أو أمر في الحال ومستقبلها من الخوف بذلك على النفس والدين والمؤمنين وجب عليه الانكار بالقلب واليد واللسان، وإن عجز عن ذلك أو خاف في الحال أو المستقبل من فساد بالإنكار باليد اقتصر فيه على القلب واللسان، وإن خاف من الانكار باللسان اقتصر على الانكار بالقلب الذي لا يسع أحدا تركه على كل حال.
والإنكار باليد يكون بما دون القتل والجراح كما يكون بهما وعلى الانسان دفع المنكر بذلك في كل حال يغلب في ظنه زوال المنكر به، وليس له القتل والجراح إلا بإذن سلطان الزمان المنصوب لتدبير الأنام، فإن فقد الإذن بذلك لم يكن له من العمل في الانكار إلا بما يقع بالقلب واللسان من المواعظ بتقبيح المنكر والبيان عما يستحق عليه العقاب والتخويف بذلك وذكر الوعيد عليه، وباليد ما لم يؤد العمل بها إلى سفك الدماء وما تولد من ذلك من إخافة المؤمنين على أنفسهم والفساد في الدين، فإن خاف الانسان من الانكار باليد ذلك لم يتعرض له، وإن خاف بإنكار اللسان أيضا ما ذكرناه أمسك عن الانكار به واقتصر على إنكاره بالقلب.
فأما إقامة الحدود فهو إلى سلطان الاسلام المنصوب من قبل الله تعالى وهم أئمة الهدي من آل محمد ع ومن نصبوه لذلك من الأمراء والحكام وقد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان، فمن تمكن من إقامتها على ولده وعبده ولم يخف من سلطان الجور إضرارا به على ذلك فليقمها، ومن خاف من الظالمين اعتراضا عليه في إقامتها أو خاف ضررا بذلك على نفسه أو على الدين فقد سقط عنه فرضها، وكذلك إن استطاع إقامة الحدود على من يليه من قومه وأمن من بوائق الظالمين في ذلك فقد لزمه إقامة الحدود عليهم فليقطع سارقهم ويجلد زانيهم ويقتل قاتلهم، وهذا فرض متعين على من نصبه المتغلب لذلك على ظاهر خلافته له أو الأمارة من قبله على قوم من رعيته فيلزمه إقامة الحدود وتنفيذ الأحكام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الكفار ومن يستحق ذلك من الفجار، ويجب على إخوانه المؤمنين معونته على ذلك إذا استعان بهم ما