يقضى عليه في حق الناس، وأما القضاء بحق الله وهو القطع فقد تردد فيه المحقق " قده "، قال شارحوه أنه لم يتردد في عدم القضاء به غيره من الفقهاء.
وذكر في الجواهر وجه التردد: إن السرقة علة للأمرين، فإذا قامت البينة عليها لم يعقل التفكيك بين المعلولين، وأجيب عن ذلك بأن الأحكام الشرعية معرفات لا علل حقيقة. ومعنى هذا الكلام:
إن الأمور المذكورة في كلمات الشارع بعنوان العلة ليست عللا حقيقية يحكم العقل بامتناع الانفكاك بينها بل هي معرفات.
أقول: إن العقل لا يمكنه ادراك أن الشئ الكذائي علة للشئ الكذائي في الأحكام الشرعية، فلولا بيان الشارع أن الجنابة علة لوجوب الغسل لم يدرك العقل ذلك، وحينئذ فلو جاء في كلامه أن الشئ الفلاني علة للشئ الفلاني وجب التصديق بحكم الشارع بالعلية، لكن الفرق بين العلية المدركة بالعقل كعلية النار للحرارة والعلية الواردة في لسان الشارع هو أنه في الأول يستحيل التفكيك بين النار والحرارة إلا عن طريق الاعجاز، أما في الثاني فإنه يمكن تخلف ما جعل معلولا عما جعل علة، ولذا نرى أن الشارع قد يقول في مورد بعدم ترتب المعلول على العلة وهو يكشف عن عدم العلية التامة.. إذن ليست الأحكام الشرعية معرفات، بل هي علل ومعاليل كالعلل والمعاليل الأخرى.
وعليه فلو أقر الحاضر بالسرقة مرتين ترتب الأثران، وإن أقر مرة واحدة يؤخذ منه حق الناس ولا يحكم عليه في حق الله، فلا