ومنها رواية بريد عنه عليه السلام أنه كره الشرب في الفضة والقدح المفضض وكذلك أن يدهن في مدهن مفضض والمشط كذلك وزاد الصدوق (ره) على هذه الرواية: فإن لم يجد بدا من الشرب في القدح المفضض عدل بفمه عن مواضع الفضة (1).
ومنها صحيحة معاوية بن وهب قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الشرب في القدح فيه ضبه من فضه قال: لا بأس إلا أن يكره الفضة فينزعها (2).
وهذه الصحيحة فيها دلالة على جواز الشرب من الآنية التي فيها شئ من الفضة فلا بد من حمل الروايتين المتقدمين على كراهة الشرب من الآنية المفضضة فإن الحسنة المتقدمة وإن كانت ظاهره في التحريم لأن النهي ظاهر فيه وكذا رواية بريد فإن الكراهة غير ظاهرة في الكراهة المصطلحة - أعني مرجوع الفعل مع عدم المنع منه - لأنها تستعمل في لسان الأخبار في الأعم من الحرمة والكراهة إلا أنه لا بد من حملهما على الحرمة أو الكراهة فيما إذا جعل فمه على موضع الفضة بقرينة ذيل رواية بريد على نقل الصدوق المشتمل على زيادة قوله: فإن لم يجد بدا الخ.
ويدل أيضا عليه أي أن المحرم وضع فمه على موضع الفضة صحيحة ابن سنان أو حسنته عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس أن يشرب الرجل في القدح المفضض واعزل فمك عن موضع الفضة (3) فإن هذه الرواية تدل صريحا على جواز الشرب من القدح المفضض لكن بشرط عزل الفم عن موضع الفضة فمقتضى الجمع بين الطائفتين من الأخبار هو حمل أخبار النهي أو الكراهة على الكراهة المصطلحة أي كراهة الشرب من الآنية المفضضة وعلى هذا المعنى أيضا يمكن حمل رواية عمرو بن أبي المقدام قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام قد أتى بقدح من ماء فيه ضبة من فضة فرأيته ينزعها بأسنانه (4) لكن هذه الرواية لا تدل على شربه عليه السلام منه قبل نزع الفضة فإن الإمام عليه السلام لا يرتكب مكروها وإن كان جائزا.