والظاهر أن المراد بقوله: إلا إذا أدركه المسلمون وبه رمق - ادراكهم له بعد أن وضعت الحرب أوزارها ويحتمل أن يكون المراد بادراكهم اخراجهم له عن المعركة وهو حي ولو كان قبل انقضاء الحرب وإما أن يكون المراد بادراكهم له ملاقاتهم له ورؤيتهم إياه وهو حي فبعيد جدا إذ لم يبق للمستثنى منه ح أعني سقوط الغسل عن الشهيد - مورد إلا شاذا لأنه قلما يتفق موت شحص فورا بمجرد تحقق جراحة له بحيث لا يراه أحد من المسلمين إلا بعد موته.
والذي يدل على أن المراد بادراكه هو ما ذكرناه لا مجرد رؤيتهم له حيا حكاية شهادة عمار رضي الله عنه حيث استسقى فسقي باللبن فكان آخر زاده من الدنيا مع أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يغسله كما دل عليه الأخبار المستفيضة فمع أنه رآه المسلمون قبل موته وسقوه اللبن لم يغسله عليه السلام وكذا حكاية سعد بن ربيع يوم أحد حيث قال النبي صلى الله عليه وآله في ذلك اليوم: من ينظر إلى ما فعل سعد بن ربيع فقال رجل: أنا أنظر لك يا رسول الله فنظر فوجده جريحا وبه رمق فقال له: إن رسول الله أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات فقال:
أنا في الأموات فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله عني السلام قال: ثم لم أبرح إلى أن مات ولم يأمر النبي صلى الله عليه وآله بتغسيل أحد منهم.
وعلى فرض الشك في دخول ذلك أي من مات قبل تقضي الحرب وأدركه المسلمون في المستثنى يمكن التمسك لعدم وجوب غسله بالمستثنى منه أي عدم وجوب غسل كل شهيد عدا من أدركه المسلمون وبه رمق فإن دخوله في المستثنى مشكوك فيشك في استثنائه من حكم مطلق الشهيد فيتمسك لعدم وجوب غسله بعموم لعدم وجوب غسل كل شهيد وليس هذا من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية بل من باب التمسك بالعام في الشبهة المفهومية وهو مما لا ضير فيه كما لا يخفى ولا فرق في جريان حكم الشهيد بين الصغير والكبير ولا بين الرجل والمرأة إذا جاء بالصغير والمرأة إلى الحرب للمصلحة المقتضية لذلك لصدق القتل في سبيل الله عليهم.
وهل يصدق الشهيد على من حضر الحرب لغير الله بل لداع آخر كالظفر بالغنيمة واظهار الشجاعة فقتل مشكل لعدم صدق من قتل في سبيل الله عليه وكذا صدقه على من ولى