لدلالة نفي الضرر، بل ظاهر قوله تعالى * (لن يجعل الله) * أقوى من ظاهر قوله (عليه السلام) (لا ضرر)، والشهرة العملية - لو كانت على ثبوت الخيار - لا توجب قوة الدلالة، فلا وجه لقوله (قدس سره) من جهة قوة أدلة نفي الضرر.
نعم مسألة حكومة أدلة نفي الضرر على أدلة الأحكام، ومنها دليل عدم تملك الكافر للمسلم وجيهة، لكنه يمكن مقابلتها بحكومة دليل نفي السبيل على أدلة الأسباب المملكة ابتداء أو فسخا ورجوعا، لأن أدلة الأسباب مقتضاها نفوذها في حصول الملك ابتداء أو عودا، ودليل نفي السبيل ينفي الموضوع وهو الملك، وأنه لا ملك للكافر، وأنه غير قابل لتملك المسلم، لا أنه لا ينفذ السبب، بل السبب على اقتضائه، ولا منافاة بين كونه تام الاقتضاء وكون المورد غير قابل فتأمل جيدا.
وربما يتوهم: أن الغرض من اجبار الكافر على البيع من مسلم إزالة ملك الكافر، فعوده إليه بالخيار له وعليه نقض لهذا الغرض.
ويندفع: بأن الغرض وإن كان ذلك، لكنه لا بحيث يتضرر به الكافر أو المسلم، ولذا لا يجبر على البيع بأقل [من] (1) الثمن مع عدم وجود راغب في شرائه بثمن المثل، فلا مانع من عوده إليه واجباره على البيع بنحو لا يتضرر به البايع والمشتري فتدبر.
- قوله (قدس سره): (بخلاف ما لو تضرر الكافر... الخ) (2).
لا يخفى أن مقام الاثبات من حيث نفسه ومن حيث ملاكه تام يعم المسلم والكافر.
أما من حيث نفسه فلأن بعض أدلة نفي الضرر وإن كان مفاده لا ضرر على مؤمن، إلا أن جملة أخرى من أدلته غير مقيدة به، وقوله (عليه السلام) (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) (3) لا يراد منه إلا نفيه في شريعة الإسلام، لا عمن أنتسب إلى شريعة الإسلام، فشرافة شريعة الإسلام تقتضي عدم الحكم الضرري على المسلم والكافر، ولذا لا أظن أن يستشكل في الخيار للكافر في غير العبد المسلم من سائر أمواله بقاعدة نفي الضرر، كما في خيار الغبن المنحصر دليله فيها.