لا يخفى عليك أن ملكية المورث قد زالت قطعا، وملكية الوارث مقارنا لزوال ملكية المورث مشكوكة الحدوث، فلا مجال إلا لاستصحاب الكلي من القسم الثالث الذي لا عبرة به في مثل الفرض عنده (قدس سره) وعند المحققين، والرقية إن كانت عين المملوكية لأحد فالأمر كما مر، وإن كانت معنى آخر ملازما للمملوكية للغير فيجري فيها ما ذكرنا، لأن الرقية المطلقة لا معنى لها، بل المعقول الرقية لأحد، والرقية للمورث قد زالت قطعا، والرقية للوارث مشكوكة الحدوث، فطبيعي الرقية الموجود بوجود فرديه مقطوع الزوال بلحاظ أحد وجوديه، ومشكوك الحدوث بلحاظ وجوده الآخر.
وأما أصالة عدم انعتاقه، لليقين بعدم انعتاقه على المورث إلى أن مات على الفرض، واليقين بعدم انعتاقه على غيره أيضا، حيث لم يكن مملوكا للغير حتى ينعتق عليه، وحينئذ فيشك بعد موته في انقلاب هذا العدم إلى الوجود، فيحكم بعدم الانقلاب، وإن لم يتعين كونه رقا للوارث أو للإمام (عليه السلام).
ففيها: أن عدم الانعتاق ليس إلا عدم زوال الملك، ومن البين أن الملك المضاف إلى المورث زال قطعا، فانقلب عدم الزوال الخاص إلى نقيضه، وأما إذا كان الانعتاق أمرا ملازما لزوال الملك بوجه خاص - لا مطلق زوال الملك ولو بالانتقال إلى الغير - فعدمه وإن كان متيقنا على الفرض تارة، وبنحو السالبة بانتفاء الموضوع أخرى، إلا أن عدم الانعتاق بهذا المعنى بالإضافة إلى الوارث ليس محلا للكلام، فإنه فرع الانتقال إليه، والكلام في أصل الانتقال وعدمه، فيؤول أمر الانعتاق وعدمه إلى الزوال وعدمه، وقد عرفت حاله.
وأما أصالة عدم الحرية ففيها أيضا أن الحرية ليست إلا عدم قيد الرقية والمملوكية، وقيد الرقية للمورث زال قطعا، وحصوله وعدمه للوارث مشكوك فتدبر جيدا.
- قوله (قدس سره): (بل هو مقتضى الجمع بين الأدلة... الخ) (1).
توضيح المقام: أن مقتضى المعارضة بين دليل نفي السبيل ودليل الإرث عدم الدليل على الانتقال إرثا إلى الكافر أو غيره، وعدم الدليل على زوال الملكية كلية عن العبد المسلم، وهو بمجرده لا يوجب الانتقال إلى الإمام (عليه السلام)، فإنه وارث من لا وارث له واقعا أو ظاهرا، لا أنه وارث من لا دليل على إرث أحد منه.