المثل - محفوظة، وما لم يكن تنقيصا لها لم يكن إضرارا ولا إفسادا، فحمله إلى مكان آخر ولو كان قريبا تحصيل لمالية زائدة وطلب للنفع، لا تركه إضرار بالمال وإفساد له.
وأما حديث السفاهة فاللازم صدقها أيضا إذا باع مال نفسه لغرض مانع عن الذهاب إلى مكان آخر، مع أنه يخرج البيع عن السفاهة بفرض غرض عقلائي، ولو لم يرجع ذلك الغرض إلى اليتيم، إذ لا ملزم برجوعه إليه، ومنه يتبين سخافة توهم الخيانة، فإن عدم طلب النفع لليتيم ليس خيانة في ماله.
ثم إن انتقال البيع على المصلحة أو على الأصلحية أو خلوه عن المفسدة كلها أمور معتبرة واقعا، بحيث لو ظهر الخلاف انكشف فساد البيع بعدم شرطه، فتعليل الفساد بالخيانة أو السفاهة عليل، إذ البيع بما اعتقده خاليا عن المفسدة ليس خيانة ولا سفاهة، مع أنه لو كان واقعا ذا مفسدة لكان فاسدا، والبيع بما اعتقده غير أصلح لغرض عقلائي راجع إلى نفسه كان خيانة وسفاهة، بمعنى أنه ليس فيه ملكة اصلاح مال اليتيم كما فسرها (رحمه الله) به، مع أنه صحيح لو كان واقعا أصلح.
مع أن تطبيق السفاهة المعتبرة بمن لا يعرف رعاية اصلاح المال على المورد مخدوش، بأن البيع بثمن المثل - مع عدم النقل إلى مكان آخر يباع بأزيد منه - ليس من باب عدم رعاية الصلاح، بل البيع بما يوازي المبيع في محله عين رعاية الصلاح، وعدم طلب الزائد لغرض آخر، وإن كان لا يرجع إلى اليتيم فليس داخلا في فقد ملكة اصلاح المال.
وليعلم أيضا أنه لا فرق في اشتراط البيع برعاية المصلحة أو رعاية الأصلح واقعا، بتوهم: أن فاقد المصلحة فاقد للشرط وإن اعتقدها، وفاقد الأصلحية ليس فاقدا للشرط إذا اعتقد أنه لا أصلح منه ولم يكن في الواقع كذلك، لأنه تقديم الأصلح على غيره من باب المزاحمة، ومع عدم الالتفات إليه لا يتنجز الحكم، والبيع المفروض أحد أفراد المخير فيه عقلا.
وهو توهم فاسد، إذ تقديم الأصلح من باب اشتراط نفوذ البيع به واقعا لا من باب المزاحمة، فإن الخارج عن التصرفات المحرمة الفاسدة هو البيع بوجه أصلح واقعا كما هو ظاهر الدليل، نعم لو كانت الحرمة مولوية فقط وكان الجميع من الصالح والأصلح من أفراد المحرم كان تقديم الأصلح من باب التزاحم، لكنه ليس كذلك، وإلا لصح جميع أفراد