تطبيق الركون إلى الظالم على المورد بأحد وجهين:
إما بأن جعله تعالى له أمينا ووليا ركون منه إلى الظالم، مع أنه نهى عنه.
وإما بأن تسليم المال إليه والمعاملة معه بعنوان أنه ولي الطفل ركون إليه، وهو منهي عنه.
أما الأول فيرد عليه أولا: أنه استدلال بفحوى الآية، وأن الناهي عن القبيح هو أولى بالانتهاء عنه، لا أنه استدلال بنص الآية، وظاهر عبارته الثاني.
وثانيا: أنه أجنبي عن فحوى الآية أيضا، لأن فحوى الآية إنما هو فيما إذا كان أمر أعظم من الميل إلى الظالم، أو شخص أعظم من الظالم، حتى يكون فحواه موجبا لثبوت الحكم بالأولوية.
وأما مسألة أن الآمر بشئ أولى بالايتمار، والناهي عن شئ أولى بالانتهاء، فهي أولوية عقلية خارجية، وإلا فلا يعقل شمول الحكم لنفس الآمر والناهي كما لا يخفى.
وأما الثاني ففيه أولا: أن اتخاذ الفاسق أمينا بالتوكيل أو بالتوديع أو بالوصاية ليس ركونا إلى الظالم، ولذا لا شبهة في الأولين والثالث مختلف فيه.
وثانيا: أن المعاملة مع الولي الفاسق ليس من اتخاذه أمينا، بل من حيث إنه أمين من قبله تعالى يعامل معه، بل يجب تسليم المال إليه، والمعاملة مع الظالم ليس ركونا إليه واعتمادا عليه.
وثالثا: أن الظالم أخص من الفاسق عرفا، ولا يلتفت إلى أن الفاسق ظالم لنفسه فتدبر.
والمظنون أن مراده من النص آية النبأ (1) الدالة على عدم الاعتناء بقول الفاسق ونبأه، فمراده وجود النص على خلاف الولاية من حيث قبول اقراراته وإخباراته عن غيره، كما هو مصرح به في كلامه.
فايجاب قبول إقراراته عن غيره وإخباراته عن غيره مناف لعدم وجوبه المنصوص في آية النبأ، مع أن عدم قبول قول الفاسق من حيث هو غير مناف لقبول إقراراته وإخباراته من حيث ولايته ووكالته ونحوهما، حيث إنه من ملك شيئا ملك الاقرار به ونحوه، خصوصا