التلف كما هو متمم علية اشتغال ذمة (1) اللاحق كذلك متمم علة اشتغال ذمة السابق الملحوظة في ضمان اللاحق، فإن ما يكون بالقوة تكون فعليته على حسب ما بالقوة وبكيفيته، فما بالقوة في السابق نفس ضمان العين، وفي اللاحق ضمان عين مضمونة - بما هي كذلك -.
ومما ذكرنا يتضح اندفاع ما أورده شيخنا الأستاذ (2) من أنه قبل التلف ليس اشتغال الذمة بالبدل لا للسابق ولا لغيره، وبعد التلف لم تشتغل ذمة اللاحق إلا ببدل العين، حيث إن العين لم يكن لها بدل قبل اشتغال ذمة اللاحق حتى يضمن العين بما لها من البدل.
وأما استنتاج النتيجة - من كون العين في اللاحق مضمونة ببدلها وبدل بدلها على البدل، وهكذا في المراتب المتأخرة - فتقريبه: أنه لو فرض دليل خاص على أن العين المضمونة ببدلها مضمونة على اللاحق، فلو قلنا باشتغال ذمة اللاحق بخصوص بدل العين للزم أن لا تكون العين بتلك الحيثية مضمونة، بل بذاتها، وحيث إن الحيثية ضمان البدل بما هو بدل، فلا بد من أن يضمن اللاحق العين وبدلها على البدل، وإلا خرج البدل عن كونه بدلا، وكان مضمونا بما هو شئ مستقل في قبال المبدل وهو خلف.
وأما لو فرض عدم الدليل الخاص - كما هو كذلك، لانحصار الدليل في تعاقب الأيدي في قوله (عليه السلام) (على اليد ما أخذت) (3) - فالدليل متساوي المفاد والنسبة بالإضافة إلى جميع الأيدي، ومقتضاه ضمان العين الراجع إلى اشتغال ذمة الجميع ببدل العين عند تلفها، إلا أن التفاوت في المأخوذ فإن المأخوذ في السابق نفس العين، فضمان مثل هذا المأخوذ ذمة بدله، والمأخوذ في اللاحق عين لها حيثية وشأن وهي كونها ذات بدل، فضمان مثل هذا المأخوذ الذي حصل له شأن ضمانه بما له من الشأن، فيفيد اشتغال ذمة اللاحق ببدل العين وبدل بدلها - الذي هو شأنها وحيثيتها على البدل -.
وما أفاده المصنف (قدس سره) - من أنه لو ضمن المبدل معينا خرج البدل عن كونه بدلا - إنما هو بهذه الملاحظة، إذ بعد فرض أن العين المأخوذة لها شأن زائد على نفس العين وهو كونها