هناك أخذ خارجي ليتفاوت مأخوذ الأول مع المأخوذ للثاني، والمفروض أيضا عدم تفاوت في كيفية اتخاذهما للدين في ذمتهما، ومنه تعرف جواب النقض بضمان الأعيان المضمونة فتدبر.
وربما يورد على المصنف (قدس سره): كما عن بعض الأجلة - أن مقتضى كلامه (قدس سره) رجوع السابق إلى لاحقة لا إلى كل لاحق، إذ من عدا الأول تكون العين وبدلها مضمونة عليه، وما يكون مضمونا عليه لا يرجع به إلى غيره.
ويندفع: بأن الثاني يضمن العين وبدلها على البدل، والثالث يضمن العين وبدلها وبدل البدل على البدل، وهكذا يتضاعف ضمان البدل بتضاعف اللحوق، فليس الدليل أخص من المدعى.
- قوله (قدس سره): (فلا اشتغال للذمة قبل فوات المتدارك... الخ) (1).
هذا بظاهره مناف لما أفاده (قدس سره) أولا من اشتغال ذمة اللاحق بحصول المال في يده، وهو كذلك أيضا، فإن الضمان بالقوة بمجرد وضع اليد والضمان بالفعل بالتلف، فليس الضمان بمعنى من المعنيين دائرا مدار فعلية الأداء من الأول.
ويمكن أن يقال: إن ضمان البدل حيث إنه بعنوان التدارك فلا محالة يكون له مرحلتان:
إحداهما: مرحلة اشتغال ذمة الأول ببدل العين وتداركه بقيام ما في ذمة الثاني مقامه، فيملك الأول على الثاني بدلا عما ملكه المالك عليه.
ثانيتهما: مرحلة الدفع خارجا والتدارك الخارجي، فتدارك المدفوع خارجا بدفع مثله خارجا، فهذا سر عدم استحقاق الأول للمطالبة من الثاني، فإن عنوان اشتغال ذمة الثاني بالبدل تدارك ما اشتغلت ذمة الأول، وتدارك كل شئ بحسبه، فليس كسائر ما يملكه الإنسان في ذمة الغير، وعليه ينبغي حمل كلام المصنف (قدس سره) نظرا إلى أنه تفريع على تعليله بقوله (رحمه الله) (لأنه من باب الغرامة والتدارك).