واللفظ مقدمة لايجاد اللفظ الملحوظ فانيا في معناه قلبا، فيكون اللفظ موجودا بالذات قلبا والمعنى موجودا به بالعرض.
ولا يخفى عليك أن هذا غير إيجاد المعنى قلبا بالذات، فإنه لا دخل له بمقولة الانشاء الذي هو إيجاد المعنى بوجود لفظ أو فعل، كما أنه لا دخل له بجعل الانشاء كلية بمعنى إيجاد المعنى في النفس وجعل اللفظ خارجا دالا عليه، فإن الانشاء اللفظي هو إيجاد المعنى باللفظ، وإيجاد المعنى قلبا باللفظ خارجا غير معقول، لا بنحو الوساطة في الثبوت فإن وجود اللفظ خارجا لا يعقل أن يكون من مبادي الأفعال القلبية، ولا بنحو الوساطة في العروض، فإنه لا ينسب وجود اللفظ خارجا إلا إلى ما هو نحو وجوده جعلا، وهو طبيعي المعنى لا الموجود القلبي بما هو موجود قلبي، وقد مر (1) الوجه فيه مرارا.
ثم إنه على تقدير عدم لزوم الانشاء مطلقا - كما هو الحق - هل يكفي مطلق الرضا أو لا بد من أن يكون مدلولا عليه بدال؟
وتحقيق القول فيه: أن اعتبار الكاشف عن الرضا إما لدخله في تأثير العقد أو لكونه موجبا لانتساب العقد إلى المجيز، فيتوجه إليه تكليف الوفاء بالعقد، إذ من لا عقد له لا وفاء له، فإن كان لأجل الدخل في تأثير العقد فهو خلاف ظاهر قوله تعالى * (تجارة عن تراض) * وغيره من أدلة اعتبار رضى المالك، فإن مفادها دخالة الرضا لا الرضا المدلول عليه بدال، ولزوم احرازه في ترتيب أثر العقد الصحيح من باب احراز الشرط للحكم بتحقق مشروطه، لا أن الاحراز مقوم للشرط كما هو المقصود هنا، وإن كان لأجل الانتساب، فقد بينا في أول البحث عن الفضولي أن الانتساب بنحو المباشرة والتسبيب لا يكون في اظهار الرضا بنحو الإذن والإجازة، وإن كان مجرد إضافة العقد إلى المالك كافيا في الانتساب المحقق لتوجه الأمر بالوفاء، فالرضا بالعقد سابقا أو لاحقا يكفي في صدق أن العقد عقده لكونه مرضيا به، فراجع (2) ما ذكرناه هناك بما يتعلق به من النقض والابرام.
وعليه فلا حاجة إلى ما ذكره المصنف (قدس سره) من الشواهد لكفاية الرضا بنفسه، حتى يناقش فيها بوجوه المناقشات، فالحق كفاية نفس الرضا في تحقق الإجازة والامضاء من