بدال، ولولا بعنوان الانشاء؟
فنقول: إن الانشاء بالإضافة إلى الغرض الداعي إليه تارة من قبيل المحقق، وأخرى من قبيل الكاشف.
فالأول: كالانشاء بداعي البعث والتحريك، فإنه بعث وتحريك بالحمل الشايع إذا صدر بهذا الداعي، فإنه مما يمكن أن يكون داعيا وباعثا، ويخرج من الامكان إلى الفعلية بانقياد المكلف.
والثاني: كالانشاء بداعي الارشاد، فإنه بانشائه يظهر رشد العبد وخيره فيما يتعلق به الانشاء، وكالانشاء بداعي التعجيز، فإنه ليس بمعنى جعله عاجزا بل يظهر عجزه.
وعليه فنقول: إن الانشاء المتعلق بالنفوذ والجواز والمضي بقوله " أنفذت " أو " أجزت " أو " أمضيت " خارج عن القسمين.
لوضوح أن النفوذ والجواز والمضي معان منتزعة من تأثير الأسباب في مسبباتها (1)، والأسباب إن كانت تامة التأثير فهي نافذة جائزة ماضية، سواء لحقها انشاء الإجازة والانفاذ والامضاء أم لا، وإن لم تكن تامة وكانت متوقفة على شرط، فمن البين أن انشاء النفوذ بداعي جعل السبب نافذا لا يعقل أن يكون من شرائط نفوذ السبب، إذ مرجعه إلى جعل السبب نافذا بجعل السبب نافذا، ومع فرض عدم تمامية السبب لا معنى لاظهار نفوذ السبب إلا بإلحاق شرط نفوذه، وهو لا محالة أمر آخر غير مبادي " أنفذت " و " أجزت " و " أمضيت "، لأنها متوقفة على تأثير السبب فكيف [تكون] (2) متممة للسبب.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنه لا حالة منتظرة بعد صدور العقد الذي هو بمنزلة المقتضي والسبب - كما هو مفروض في المقام - إلا شرط تأثيره، وهو رضا من يعتبر رضاه، فبقوله " رضيت " يظهر ما هو الشرط أعني الرضا القلبي بالمطابقة، وانفاذ السبب بإلحاق شرطه إليه بالالتزام، كما أنه بقوله " أجزت " و " أنفذت " و " أمضيت " يظهر النفوذ وما يساوقه بالمطابقة، ويظهر تحقق شرطه وهو الرضا بالالتزام، حيث لا يعقل النفوذ إلا بإلحاق شرط تأثير السبب إليه.