وقال سبحانه: * (كل امرء بما كسب رهين) * (1).
وقال سبحانه: * (إنما تجزون ما كنتم تعملون) * (2).
وقال تعالى: * (كل نفس بما كسبت رهينة) * (3).
أفبعد هذه الآيات المحكمات يصح لمسلم أن يؤمن بما جاء في هذه الروايات ويسندها إلى الرسول، حتى يبرر العصاة والطغاة أعمالهم الإجرامية بسبق القدر، وجفاف القلم، وانطواء الكتب، بحيث لا يزيد ولا ينقص.
فعند ذلك يصير مثل الإنسان مثل الملقى في اليم مكتوف الأيدي، ومثل أمره ونهيه مثل أمر الملقى بأن لا يبتل بالماء. قال:
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له * إياك إياك أن تبتل بالماء إن صريح هذه الآيات هو أن صانع مصير الإنسان اختياره الذي تميز به عن سائر الموجودات بفضل منه سبحانه وأن له الخيرة في اختيار أي طريق يشاؤه من الهداية والضلالة والسعادة والشقاء، وليس القدر عاملا صانعا للمصير في مجال أفعاله الاختيارية. نعم، هناك أمور خارجة عن اختياره ليس هو مسؤولا عنها، ولا يعد صانعا بالنسبة إليها. ولكن كلامنا غايته في أفعاله النفسية من إطاعته ومعصيته، وهذا هو الذي نقصده من اختيار الإنسان فيه، لا الأفعال والحوادث الكونية الخارجة عن إطار قدرته.
ولكن الروايات المتقدمة، المبثوث إضعافها في الصحاح والمسانيد، تجعل من القدر قدرة صناعة لمصير البشر في الأفعال التي يسألون عنها، وهذا مما لا يصدقه الكتاب كما عرفت، ولا السنة.
أما السنة، فيكفي في كون ظواهر تلك الروايات غير مراده، وأنها رويت على غير وجهها، ما رووه هم عن علي (عليه السلام) عن رسول الله