هذا ما ذكره أئمة اللغة، وقد سبقهما أئمة أهل البيت ففسروا القدر والقضاء على النحو التالي:
روى الكليني بسنده إلى يونس بن عبد الرحمن عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وقد سأله يونس عن معنى القدر والقضاء فقال: " هي الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء، والقضاء هو والإبرام وإقامة العين " (1).
روى البرقي في محاسنه عن أبيه عن يونس عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): " قال: قلت: ما معنى " قدر "؟ قل: تقدير الشئ من طوله وعرضه، قلت: فما معنى " قضى "؟ قال: إذا قضى أمضاه فذلك الذي لا مرد له " (2).
روى البرقي في محاسنه أيضا بإسناده عن محمد بن إسحاق قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام) ليونس مولى علي بن يقطين: " أو تدري ما " قدر " قال: لا. قال: هو الهندسة من الطول والعرض والبقاء. ثم قال: إن الله إذا شاء شيئا أراده، وإذا أراده قدره، وإذا قدره قضاه، وإذا قضاه أمضاه " (3).
وأنت إذا أمعنت النظر في مفاد الروايات تقدر على تمييز ما يرجع إلى التقدير والقضاء الكليين عما يرجع إلى العينيين منهما ولأجل ذلك تركنا التصنيف فيها.
إذا وقفت على مصادر القضاء والتقدير، فلنرجع إلى تفسير ما تهدف إليه الآيات والروايات، وقد عرفت أن كلا من التقدير والقضاء على قسمين:
علمي وعيني. فلنقدم البحث في العيني منهما ثم نبحث عن العلمي منهما لأن استنتاج الجبر ربما يترتب عند القائل به على العلمي.