محاوراتهم العرفية ويقال: " فلان ينظر إلى الله " ثم إليك. فالنظر وإن كان هنا بمعنى الرؤية لا الانتظار، ولكنه كناية عن توقع رحمته سبحانه أولا، وكرم الشخص المأمول ثانيا كما يقال: " يتوقع فضل الله سبحانه ثم كرمك ".
والآية نظير قول القائل:
إني إليك لما وعدت لناظر * نظر الفقير إلى الغني الموسر فمحور البحث والمراد هو توقع الرحمة وحصولها أو عدم توقعها وشمولها، فالطغاة يظنون شمول العذاب، والصالحون يظنون عكسه وضده وأما رؤية الله سبحانه ووقوع النظر إلى ذاته فخارج عما تهدف إليه الآية.
هذا هو مفتاح حل المشكلة المتوهمة في الآية. فتفسير الآية برؤية ذاته غفلة عن القرينة الموجودة فيها.
وفي الختام نذكر نكتتين:
الأولى - إن هنا فرقا واضحا بين قولنا: " عيون يومئذ ناظرة " وقولنا:
" وجوه يومئذ ناظرة ". فلو كان المراد رؤية ذاته سبحانه لناسب التعبير بالأول، فالوجوه الناظرة غير العيون الناظرة، والأول منهما يناسب التوقع والانتظار دون الثاني.
الثانية - قال الزمخشري في كشافه: " وسمعت سروية مستجدية بمكة وقت الظهر حين يغلق الناس أبوابهم، ويأوون إلى مقائلهم تقول: " عيينتي نويظرة إلى الله وإليكم " تقصد راجية ومتوقعة لإحسانهم إليها (1).
الآية الثانية - قوله سبحانه: * (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا، فلما