فهذه الآيات تعبر عن معنى واحد وهو تصوير سيطرة حكمه تعالى في ذلك اليوم الرهيب. قال سبحانه: * (ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين) * (1).
وقال سبحانه: * (هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا) * (2).
فالمتدبر في هذه الآيات يقف على أنها تهدف إلى حقيقة واحدة وهي أن خلق السماوات والأرض، لم يعجزه عن إدارة الأمور وتدبيرها، وأما جلوسه على العرش بمعناه الحرفي فليس بمراد قطعا.
الأمر الثاني: إنه قد جاء لفظ الاستواء على العرش في سبع آيات مقترنا بذكر فعل من أفعاله وهو رفع السماوات بغير عمد، أو خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام أو ما يشبه ذلك. فإن ذاك قرينة على أن المراد منه ليس هو الاستواء المكاني، بل الاستيلاء والسيطرة على العالم كله. فكما لا شريك له في الخلق والإيجاد، لا شريك له أيضا في الملك والسلطة. ولأجل ذلك يحصر التدبير بنفسه، كما يحصر الخلق بها ويقول: * (ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) * (3).
فالجمود على ظهور المفردات وترك التفكر والتعمق، ابتداع مفض إلى صريح الكفر. حتى إن من فسر قوله سبحانه: * (ليس كمثله شئ) * (4) بأن لله مثلا، وليس كمثله مثل، وقع في مغبة الشرك وحبائله.
والاستناد إلى الأحاديث التي يرويها ابن خزيمة ومن تبعه، استناد إلى أمور جذورها من اليهود والنصارى. وقد عرف الرازي ابن خزيمة وكتابه المعروف ب " التوحيد " بقوله: " واعلم أن محمد بن إسحاق ابن خزيمة