والأفئدة لعلكم تشكرون) * (1).
وأوضح دليل على قدرة العقل على البحث ودراسة الحقائق السفلية والعلوية حث الوحي على التعقل سبعة وأربعين مرة، والتفكر ثمانية عشر مرة، والتدبر أربع مرات في الكتاب العزيز.
وتخصيص هذه الآيات بما وقع في أفق الحس تخصيص بلا دليل.
ثم لو كان الخوض في البحث عما وراء المادة أمرا محظورا، فلم خاض القرآن في هذه المباحث، ودعى جميع الإلهيين إلى سلوك هذا الطريق الذي سار عليه. قال سبحانه: * (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون) * (2). وقال سبحانه: (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون) * (3). ترى في هاتين الآيتين أدق البراهين على التوحيد في التدبير بما لا يتصور فوقه، وسيوافيك تفسير الآيتين عند البحث عن وصف التوحيد.
إن الكتاب الكريم يذم المشركين بأنهم يعتقدون بما لا برهان لهم عليه، ومن خلال ذلك يرسم الطريق الصحيح للإلهيين وهو أنه يجب عليهم تحصيل البرهان على كل ما يعتقدونه في المبدأ والمعاد. قال سبحانه:
* (أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون) * (4).