مضرا وموجبا للعقاب، وإن كان عقابه أخف من عقاب الذي تجرد للرياء وإن كان باعث التقرب أقوى فله ثواب بقدر ما فضل من قوته، لقوله تعالى:
" فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " (52).
وقوله تعالى: " إن الله لا يظلم مثال ذرة " (53).
فلا ينبغي أن يضيع قصد الخير، بل إن كان قصد التقرب غالبا على الرياء حبط منه القدر الذي يساويه وبقيت زيادة، وإن كان مغلوبا سقط بسببه شئ من عقوبة القصد الفاسد والسر: أن الأعمال تأثيرها في القلوب بتأكيد صفاتها، فداعية الرياء من المهلكات، وقوة هذا المهلك بالعمل على وفقه، وداعية الخير من المنجيات، وقوته بالعمل على وفقه، فإذا اجتمعت الصفات في القلب فهما متضادتان، فإذا عمل على وفق مقتضى الرياء قويت تلك الصفة، وإن عمل على وفق داعية الخير قويت أيضا تلك الصفة، وأحدهما مهلك والآخر منج. فإن كانت تقويته لهذا بقدر تقويته للآخر فقد تقاوما، وإن كان أحدهما غالبا زاد تأثيره بقدر الفاضل من قوته، كما في تأثير الأدوية والأغذية المتضادة " إنتهى (55).
وفيه: أن إطلاق الظواهر يفيد كون شوب الرياء محبطا للعمل والثواب وقد تقدم بعضها. ومنها ما روي: " أن رجلا سأل النبي (ص): عمن يصطنع المعروف - أو قال يتصدق - فيجب أن يحمد ويؤجر، فلم يدر ما يقول له، حتى نزل قوله تعالى:
" فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " (56).