من هذه الأشياء نص بالخصوص وكيف كان فلا شبهة في فساد ذلك ومخالفته للاجماع والاخبار الصريحة في أن للبول وغيره من النجاسات تأثيرا في ملاقيه لا يزول بزوال عينه كيف اتفق بل لابد فيه من الغسل واما نسبة هذا القول إلى السيد فمنشأها بحسب الظاهر الاخذ بمقتضى بعض ما ذكره السيد وجها لما اختاره من جواز الإزالة بالمايعات حيث قال عند تعداد الأدلة * (ومنها) * ان الغرض من الطهارة إزالة عين النجاسة وهو حاصل بالمايعات فتخيل ان السيد يلتزم بطهارة الأجسام الصيقلية بزوال العين لزوال العلة وغفل عن أن السيد لا يلتزم بما يقتضيه هذا الدليل لان مآله حقيقة إلى الالتزام بعدم انفعال شئ بشئ من النجاسات وانما الأحكام الشرعية محمولة على أعيان النجاسات [مط] حتى في الثوب والبدن فالثوب المتلطخ بالدم لا تصح الصلاة فيه لوجود الدم فيه لا لانفعاله بالدم فيكون حكم النجاسات [ح] بالنسبة إلى الصلاة حكم فضلات غير المأكول في دوران الحكم مدار وجود عينها وهذا المعنى لو لم يكن باطلاقه مخالفا لضرورة المذهب فلا أقل من مخالفته للاجماع والسنة ولذا أجاب المصنف [ره] في محكى المعتبر عن هذا الدليل بان نجاسة البول لا تزول عن الجسد بالتراب باتفاق منا ومن الخصم فظهر لك ان الخلاف في هذا المقام مع السيد انما هو في أن الثوب المتنجس مثلا الذي ثبت بالنص والاجماع انه لا يطهر بزوال العين منه كيف اتفق هل يكفي في تطهيره الغسل بالمضاف أم يشترط ان يكون بالماء المطلق * (ويدل) * على المشهور مضافا إلى اطلاقات الاخبار التي لا تتناهى كثرة الآمرة بغسل الثوب والبدن والاناء وغيرها من المتنجسات بالماء ففي بعضها لا يجزى من البول الا الماء وفي فضل الكلب اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء إلى غير ذلك من الأخبار الخاصة المستمعة فيما عدا مواردها بعدم القول بالفصل استصحاب الأثر الحاصل في الملاقي بملاقاة النجس المتفق عليه بين الكل حتى الاخبار بين بل عن المحدث الأسترآبادي عد مثله من ضروريات الدين * (ويدل) * عليه أيضا قوله (ع) في حديث كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض وقد وسع الله عليكم بأوسع ما بين السماء والأرض وجعل لكم طهورا وهذه الرواية صريحة في أن البول يؤثر في ملاقيه تأثيرا معنويا لا يرتفع الا برافع شرعي إذ لو كان اثره تابعا لوجود عينه لما احتاج بنوا إسرائيل إلى المقاريض ولما كان لجعل الماء طهورا بالنسبة إلى البول معنى فضلا عن أن يكون فيه الامتنان على العباد فتدل الرواية بأتم إفادة على أن البول يؤثر في ملاقيه تأثيرا يتوقف ازالته على ما جعله الشارع مطهرا وهو الماء ثم إن قلنا بان قصر الحكم على الماء في مقام الامتنان يدل على انحصار المطهر فيه فهو المطلوب والا فنقول عدم ثبوت وصف المطهرية لغير الماء كاف في الحكم بالعدم ولو لم نقل باستصحاب النجاسة بل القاعدة الاشتغال بالنسبة إلى الأمور المشروطة بالطهارة * (احتج السيد على) * ما نقل عنه بوجوه منها ما عرفته مع ما فيه * (ومنها) * اجماع الفرقة المحقة وفيه مالا يخفى ولذا اعتذر المصنف [ره] عنه حيث قال فيما حكى عنه واما قول السائل كيف أضاف السيد والمفيد ذلك إلى مذهبنا ولا نص فيه فالجواب اما علم الهدى فإنه ذكر في الخلاف انه انما أضاف ذلك إلى مذهبنا لان من أصلنا العمل بالأصل ما لم يثبت الناقل وليس في الشرع ما يمنع الإزالة بغير الماء من المايعات * (ثم) * قال واما المفيد [ره] فإنه ادعى في مسائل الخلاف ان ذلك مروي عن الأئمة عليهم السلام * (انتهى) * ولا يخفى انه إذا كان دعوى مدعى الاجماع مسببة عن الأصل والرواية فلا بد من أن ينظر إليهما لا إلى دعواه نقول اما الأصل فلا يعارض شيئا من الأدلة المتقدمة مضافا إلى ما عرفت من أن استصحاب النجاسة حاكم عليه * (واما) * الرواية فلم يصل الينا الا خبر غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن علي عليه السلام قال لا بأس ان يغسل الدم بالبصاق وقد أعرض الأصحاب عنه فيجب طرحه أو تأويله بما لا ينافي الأدلة المتقدمة * (ومنها) * اطلاق الامر بالغسل من النجاسة في كثير من الاخبار من غير تقييده بالماء * (وفيه) * انها منصرفة إلى ما هو المتعارف وهو الغسل بالماء وقد تفطن السيد [ره] إلى هذا الجواب ودفعه فيما حكى عنه بأنه لو كان كذلك لوجب المنع عن غسل الثوب بماء الكبريت والنفط ولما جاز ذلك اجماعا علمنا عدم الاشتراط بالعادة وان المراد ما يتناوله اسمه انتهى وفيه أولا ان ثبوت الحكم لبعض الافراد النادرة الدليل آخر لا يدل على ارادته من المطلق حتى يعم تمام الافراد وثانيا سلمنا دلالته على ذلك ولكنه لا يستلزم إرادة صرف الطبيعة من المطلق حتى يتسرى الحكم إلى سائر الافراد النادرة خصوصا في مثل المقام المعلوم اشتراك الفرد النادر الداخل مع تمام الافراد الشايعة في جنس قريب أخص من صرف الطبيعة وهو كونه ماء [مط] فالعلم بإرادة الغسل بماء الكبريت لا يدل الا على إرادة الغسل بجنس الماء مطلقا لا مطلق الغسل [مط] وثالثا فبالفرق بين الانصرافين فان الانصراف عن ماء النفط والكبريت ليس إلا لندرة هذا القسم من الماء بحسب الوجود والا فالغسل به متعارف فانصراف الذهن عنه منشأه الغفلة وعدم التفاته إليه تفصيلا وذلك نظير انصراف ذهن السامع عن الغسل بماء غير المياه الموجودة في غيره ومن المعلوم ان مثل هذه الانصرافات انصرافات بدوية لا تضر في التمسك بالاطلاقات واما الغسل بغير الماء كاللبن والخل وماء الورد وغيرها فليس لندرة وجودها بل لعدم تعارف الغسل بها بحيث لو فرض وجودها عند السامع لا يلتفت إلى الغسل بها أصلا حتى لو لم يكن عنده الماء وهذا النحو من الانصراف هو المضر في مقام الاستدلال هذا مع أن الاخبار المقيدة كافية في ابطال الاستدلال بالمطلقات * (ودعوى) * ان القيد فيها وارد مورد الغالب المتعارف
(٥٥)