عما كان مضطرا إليه وهو أقل الواجب وقد يراد منه بيان ما يحتاج إليه في مقام أداء التكليف ولو لم يكن حاجته إليه بطريق اللزوم فمعنى يجزيه حينئذ يكفيه بحيث لا يحتاج بعده إلى امر آخر في مقام الامتثال ورفع الحاجة على سبيل الاطلاق انما يحصل بأفضل الافراد وكيف كما فدعوى ظهوره فيما ذكر ممنوعة * (نعم) * في بعض الموارد يستفاد منه ذلك لخصوصيات المقام ولعل فتوى حريز من هذا القبيل الا انها ليست بحجة لاحتمال تطرق الاجتهاد فيها إلى هذا مع أن في رواية معمر التي هي العمدة في الاستدلال قرينة الاستحباب لالحاق مسح الرجل بالرأس مع أن وجوب الثلاث في الرجل مخالف للاجماع كما عن غير واحد نقله نعم عن التذكرة نسبة القول بوجوبها في الرجلين إلى بعض العلماء لكنك خبير بعدم خروج الرواية بمثل هذا القول الذي لم يتحقق قائله من الشذوذ مع أنها مع قصور سندها ودلالتها معارضة بالاخبار المطلقة والدالة على كفاية الإصبع اما معارضتها مع الأخيرة فظاهرة واما معارضتها مع المطلقات فلعدم صلاحيتها للتقييد بهذه الرواية بالنسبة إلى القدمين لان إرادة موضع ثلاث أصابع من عرض ظاهر القدمين كما هو المتعين ارادته يزيد عن نصف ظاهر القدمين بكثير فيبعد ارادته من قوله (ع) فإذا مسح بشئ من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع لظهوره في كفاية مسح مقدار يسير منهما وموضع ثلاث أصابع بالنسبة إلى القدمين لا يعد يسيرا فلا يصح حمل الرواية عليه فالروايتان بمنزلة المتباينين لا العام والخاص فيجب تنزيل رواية الثلاث على كونها بيانا لما يجزى على الوجه الا تم فيكون المسح بمقدار الثلاث أفضل افراد الواجب واما صحيحة زرارة فهي مضافا إلى منع ظهورها في عدم كفاية ما دون الثلاث كما عرفت ومعارضتها بما دل على كفاية الإصبع الا ان يراد منها اعتبار مقدار الثلاث في طول الرأس أو يلتزم باختصاصها بالمرأة وتخصيص ما عداها بالرجل كما عن الإسكافي يرد عليها عدم تعين كون اطلاق الاجزاء بلحاظ مقدار الممسوح بل يحتمل إرادة بيان ان المسح من تحت القناع يجزيها ولا يجب عليها القاء خمارها فيكون الاجزاء راجعا إلى القيد الأخير وقد يستدل لوجوب المسح بالثلاث بصحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سئلته عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم فقلت له جعلت فداك لو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه هكذا فقال لا الا بكفه بدعوى عدم القول بالفصل بين القدمين والرأس فإذا وجب الثلاث في القدمين بمقتضى هذه الصحيحة وجب في الرأس أيضا لعدم القول بوجوب الثلاث فيهما دون الرأس * (وفيه) * مالا يخفى من عدم انطباق ظاهر الصحيحة لشئ من الأقوال ومعارضتها لغيرها من الأدلة فلا مناص عن حملها على الاستحباب فظهر لك قوة القول بان الواجب مسح مقدار من الرأس يسمى المتوضي بمسحه ماسحا وان المندوب مسح مقدار ثلاث أصابع مضمومة عرضا أي من حيث عرض الممسوح أي الرأس واما من حيث الطول فلا تقدير له بحسب الظاهر بل يكفي فيه مسمى الامرار فقوله عرضا تميز يبين المقدار ويحتمل كونه مبينا لما أريد من الأصابع يعنى مقدار عرض ثلاث أصابع لا مجموع سطحها طولا وعرضا ويظهر من المسالك اعتبار التحديد بالثلاث بالنسبة إلى طول الرأس قال في شرح العبارة ان عرضا حال من الأصابع أو منصوب بنزع الخافض والمراد مرور الماسح على الرأس بهذا المقدار وان كان بإصبع لا كون آلة المسح ثلاث أصابع مع مرورها أقل من مقدار ثلاث أصابع ومعنى استحباب مسح هذا المقدار كونه أفضل الفردين الواجبين ان أوقعه دفعة وان كان ذلك نادرا ولو كان على التدريج كما هو الغالب فالظاهر أن الزائد عن المسمى موصوف بالاستحباب انتهى وما ذكرناه في تفسيرها أوفق بالنظر إلى ظواهر الأدلة وفتاوى الأصحاب بل هو المتعين لما يظهر من غير واحد على ما حكى عنهم ان محل الكلام بين العلماء في تحديد مقدار الممسوح بعرض الإصبع أو الثلاث انما هو بالنسبة إلى عرض الرأس واما بالنسبة إلى طوله فالظاهر أنه يكفي الامرار في الجملة بلا خلاف قال في محكى جامع المقاصد المراد بثلث أصابع في عرض الرأس اما في طوله فيكفي ما يسمى به ماسحا وعن الشهيد الثاني في شرح النقلية عند قول الشهيد [قده] المسح بثلاث أصابع مضمومة عرضا أي في عرض الرأس خروجا من الخلاف وكيف كان فالمعتمد في المقام مدرك المسألة والعمدة فيه رواية معمر بن خلاد المتقدمة وقد عرفت ظهورها في إرادة هذا المقدار من عرض الرأس بقرينة عطف الرجل عليه فهي قرينة على تعيين المراد من الصحيحة المتقدمة أيضا ودعوى ظهورها في حد ذاتها في إرادة هذا المقدار من طول الرأس لكونها تحديدا للمسح الظاهر في إرادة مقدار امرار اليد كدعوى ظهورها في خلافه بانصراف التحديد بالثلاث إلى إرادة العرض لغلبة حصول وضع الثلاث على الرأس بهذه الكيفية مما لا يلتفت إليها فالأقوى ما ذكرناه من استحباب هذا المقدار من عرض الرأس بشهادة رواية معمر والأحوط مراعاته في طرف الطول أيضا كما أن الأحوط كون آلة المسح أيضا ثلاث أصابع بل الأولى والأحوط مسح مقدار مجموع ثلاث أصابع طولا وعرضا في طول الرأس وعرضه بل يظهر من بعض وجوبه جمعا بين الأخبار السابقة معتضدة بالأخبار الآتية الدالة على وجوب مسح الناصية
(١٤٧)