المشايخ الثلاثة عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا (ع) قال فرض الله على النساء في الوضوء للصلاة ان يبدءان بباطن أذرعهن وفي الرجال بظاهر الذراع والمراد من الفرض التقدير والتشريع لا الايجاب بقرينة غيره من الأدلة وهذه الرواية بظاهرها لا تدل الا على استحباب البدئة في غسل الذراع للنساء بباطنه وللرجال بظاهره واما استحباب العكس في الغسلة الثانية فلا يستفاد منها بل ربما يستظهر منها اطلاق الاستحباب بالنسبة إلى الغسلتين وفيه منع ظاهر لان المتبادر منها استحباب الشروع في غسل الذراع من باطنه للنساء ومن ظاهره للرجال والغسلة الثانية ليس ابتدائها ابتداء غسل الذراع وليس مفاد الرواية استحباب الابتداء في كل غسلة فالرواية ساكتة عن حكم الغسلة الثانية وما يمكن الاستشهاد به لأرجحية العكس في الغسلة الثانية كون العكس أحوط في تحصيل غرض رسول الله صلى الله عليه وآله في شرعه الغسلة الثانية لأجل ضعف الناس وقصورهم عن إسباغ الوضوء والاتيان بما هو وظيفته بغسلة واحدة والحاصل ان الاسباغ الكامل لا يحصل الا بالصب من الطرفين فيكون راجحا * (وقد) * يقال إن الغسلة الثانية حيث إنها بمنزلة المتمم للغسلة الأولى كما يفصح عن ذلك التعبير عنها في غير واحد من الاخبار بكونها اسباغا للوضوء ربما يتبادر إلى الذهن من الامر بالبدئة من الظاهر أو الباطن كون الثانية عكسها وكيف كان فقد نسب القول باستحباب العكس في الغسلة الثانية إلى كثير من أساطين الأصحاب بل عن الغنية والتذكرة الاجماع عليه فلا بأس بالالتزام به لاخبار التسامح واما دعوى الاستفادة من الرواية أو غيرها من المناسبات الذوقية كدعوى استفادة اتحاد حكم الغسلتين من الرواية فهي كما ترى والله العالم * (والعاشرة) * ان يكون الوضوء بجميع غرفاته الواجبة والمستحبة وهي اثنتا عشرة أو ثلاث عشرة أو أربع عشرة غرفة بمد بلا خلاف ظاهرا بل عن جماعة الاجماع عليه ويدل عليه الأخبار المستفيضة ففي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتوضأ بمد من ماء ويغتسل بصاع ومثله في صحيحة زرارة وزاد فيها والمد رطل ونصف والصاع ستة أرطال في الوسائل قال الشيخ يعنى أرطال المدينة فيكون الصاع تسعة أرطال بالعراقي وفي الحدائق عن شيخنا البهائي [قده] انه اعتبر المد لا يزيد على ربع المن التبريزي المتعارف في زماننا هذا بشئ يعتد به وقال شيخنا المرتضى [ره] المراد بالرطل فيها المدني وهو يزيد عن العراقي بنصفه فالمد رطلان وربع بالعراقي وهو مأتان واثنان وتسعون درهما ونصف نسبه في الذكرى إلى الأصحاب وهي مئة وثلاثة وخمسون مثقالا وكسر وروى في الفقيه مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الوضوء بمد والغسل بصاع وسيأتي أقوام من بعدي يستقلون ذلك فأولئك على خلاف سنتي والثابت على سنتي معي في حظيرة القدس إلى غير ذلك من الاخبار ثم إن ظاهر التحديد بمد ان الزائد ليس مستحبا بل ربما يكون مكروها لما روى من أن لله جل ذكره ملكا يكتب سرف الوضوء كما يكتب عدوانه وقوله صلى الله عليه وآله في ذيل الرواية السابقة وسيأتي أقوام يستقلون ذلك وظاهرة انهم يعدونه قليلا ويحتمل بعيدا ان يكون المراد انهم يقتصرون على أقل منه وكيف كان فقد يترائى التنافي بين استحباب المد وبين الوضوءات المروية من فعل الأئمة (ع) في مقام البيان وغيره ففي صحيحة الحذاء المروية عن التهذيب قال وضأت أبا جعفر (ع) وقد بال وناولته الماء فاستنجى ثم صببت عليه كفا فغسل وجهه وكفا غسل به ذراعه الأيمن وكفا غسل به ذراعه الأيسر ثم مسح بفضل النداء رأسه ورجليه ويدفع التنافي قصور الفعل عن معارضة القول لاجمال وجهه إذ ربما يترك الإمام (ع) الفعل الراجح لمراعاة امر أرجح ولكن الانصاف انه لولا الاجماع على استحباب المد لأمكن الالتزام بكون المد نهاية لحد الرخصة وعدم كونه من السرف المنهى عنه وان حكاية فعل رسول الله صلى الله عليه وآله للتعريض على من يستقله فليتأمل والله العالم وقد ذكروا في المقام مستحبات اخر لم يتعرض لذكرها المصنف [ره] * (منها) * السواك وهو مستحب مطلقا ويتأكد استحبابه قبل الوضوء والصلاة وفي الحدائق والظاهر أنه لا خلاف بين أصحابنا رضوان الله عليهم في استحبابه مطلقا وخصوصا للوضوء والصلاة لاستفاضة الاخبار بذلك ومما يدل على استحبابه مطلقا موثقة إسحاق بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) من أخلاق النبيين السواك وروايته أيضا عنه قال السواك من سنن المرسلين وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال قال النبي صلى الله عليه وآله ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى خفت ان احفى أو أدرد واحفى بالحاء المهملة وادرد بالدالين المهملتين عبارة عن اذهاب الأسنان إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي فوق حد التواتر ومما يدل على استحبابه قبل الوضوء قوله (ع) في صحيحة معاوية بن عمار عن الصادق (ع) وعليك بالسواك عند كل وضوء وقول الصادق (ع) في رواية المعلى بن الخنيس حين سئله عن الاستياك بعد الوضوء قال الاستياك قبل أن يتوضأ قال قلت أرأيت ان نسي حتى يتوضأ قال يستاك ثم يتمضمض ثلاث مرات وفي مرسلة الصدوق قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي (ع) يا علي عليك بالسواك عند وضوء كل صلاة قال وقال السواك شطر الوضوء قال وقال النبي صلى الله عليه وآله لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند وضوء كل صلاة وفي رواية السكوني التسويك بالمسبحة والابهام عند الوضوء سواك ومما يدل على استحبابه قبل الصلاة
(٢٠٠)