تلك الروايات ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا ويدل عليه أيضا * (روى) * العلامة في المختلف عن بعض علماء الشيعة انه كان بالمدينة رجل يدخل على أبي جعفر عليه السلام محمد بن علي عليهما السلام وكان في طريقه ماء فيه العذرة والجيف وكان يأمر الغلام يحمل كوزا من ماء يغسل رجليه إذا عن خاضه فأبصره يوما أبو جعفر (ع) فقال إن هذا لا يصيب شيئا الا طهره فلا تعد منه غسلا عموم ما أرسله في محكى المختلف عن بعض العلماء عن أبي جعفر (ع) مشيرا إلى غدير من الماء ان هذا لا يصيب شيئا الا وطهره وعموم مرسلة الكاهلي في ماء المطر كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر فان مقتضى عمومهما طهارة الماء الذي يصيبه الكر أو ماء المطر وليس عدم طهارة المايعات المتنجسة الا بعد صيرورتها ماء [مط] منافيا للعموم المستفاد من الروايتين لان إصابة ماء المطر والكر بوصف الاطلاق لكل جزء من اجزاء المايع المتنجس لا تتحقق الا بعد صيرورته ماء مطلقا وليس مقتضى عمومهما الا طهارة الجزء الذي يصيبه ماء المطر والكر ما دام اتصافهما بالوصف العنواني وهذا لا يتحقق بالنسبة إلى سائر الاجزاء الا بعد ارتفاع صفة الإضافة وبهذا ظهر لك انه لا يصح الاستشهاد بهاتين الروايتين على كفاية مجرد الاتصال بالكر وإصابة المطر من دون اعتبار الامتزاج لان إصابة جميع الأجزاء تتوقف على الامتزاج وإصابة البعض لا تكفى الا في طهارة هذا البعض دون غيره الذي لم يصبه * (و دعوى) * انه يصدق عرفا على ماء الحوض الذي أصاب سطحه ماء المطر أو الكر انه رأى المطر وأصاب الكر فيطهر * (مدفوعة) * بان الاستعمال مبنى على المسامحة والتأويل الا ترى أنه يصح سلب الرؤية عرفا عن سائر الأجزاء فاسنادها إلى المجموع مبنى على نحو من الاعتبار ولا يدور مداره الحكم بعد صحة سلب الرؤية عن سائر الأجزاء ولذا لا يفهم عرفا من هاتين الروايتين طهارة المايعات المضافة بمجرد إصابة المطر و الاتصال بالكر وليس اسناد الرؤية إلى المجموع الا كاسناد رؤية إلى الثوب والبدن وغيرهما إذا أصاب المطر سطحه الظاهر مع أن أحدا لا يتوهم طهارة باطنه بمجرد اسناد الرؤية إليه بوقوعه على سطحه الظاهر * (ودعوى) * ان مجموع اجزاء الماء بنظر العرف موضوع واحد للطهارة والنجاسة فكما يفهم عرفا من قول الشارع الماء ينجس بالبول نجاسة مجموع اجزائه كذلك يفهم من قوله انه يطهر بماء المطر والكر طهارة مجموعه بوصوله إليه في الجملة * (مدفوعة) * بمنع كون مجموعه بنظر العرف موضوعا واحدا للطهارة ولا أقل من الشك في ذلك وتنظيرها بالنجاسة مع كونه قياسا غير صحيح حيث إنه لا مدخل للعرف في معرفة كيفية تطهير الماء وليس في أذهان أهل العرف امر يقضى بكفاية مجرد الاتصال بل لعل أهل العرف يستنكرون ويستبعدون طهارة ماء نجس إذا كان في اناء ضيق الفم وغمس في الكر من دون ان يحصل الامتزاج وهذا بخلاف ما لو كان ماء الاناء طاهرا وغمس في البول فان أهل العرف يشهدون بنجاسة * (ان قلت) * هب ان مجموعه ليس موضوعا واحدا للطهارة ولكن الروايتين دلتا على طهارة الجزء الذي يصيبه الكر أو ماء المطر فهذا الجزء يصير جزء من الماء العاصم فيطهر ما يلاقيه وهكذا فيطهر الجميع من دون ان يتوقف على الامتزاج بل لا يحتاج إلى تخلل زمان أيضا لان الاتصال بين اجزاء الماء التنجس كان حاصلا قبل إصابة الماء العاصم فيطهر الجميع في زمان واحد وانما التأخر بين الاجزاء ذاتي لا زماني * (قلت) * مرجعه إلى السراية الحكمية وقد عرفت في كيفية سراية النجاسة ضعفها بما لا مزيد عليه فراجع * (وقد) * ظهر لك أيضا ضعف الاستدلال لهذا القول بقوله (ع) ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا لان المتبادر منه كون بعضه مطهرا للبعض الذي يصل إليه لا البعض الذي ينفصل عنه ووصوله إلى جميع الأجزاء موقوف على الامتزاج هذا مع أن طهارة بعض ماء النهر ببعض لا يكون عادة الا بالامتزاج لان نجاسته لا تكون الا بالتغير فكفاية مجرد الاتصال لا تستفاد من الرواية لا في المشبه ولا في المشبه به كما لا يخفى هذا كله بعد الاغماض عمار بما يقال من أن المراد من الرواية تشبيه ماء الحمام حال جريانه بماء النهر في عدم الانفعال فمعنى قوله (ع) يطهر بعضه بعضا ان بعضه يحفظ طهارة بعض لا انه يطهره بعد أن كان نجسا نعم يستفاد حكم الرفع من عموم التشبيه فعلى هذا فالاستدلال ساقطا من أصله وكذا لا يجوز الاستدلال لهذا القول بسائر اخبار ماء الحمام لان غاية مفادها ان ماء الحمام حين اتصاله بالمادة كالجاري في عدم الانفعال وفي ان الجريان من المادة موجب لطهارة؟؟ الحياض الصغار في الجملة وحيث إن جريان الماء من مادة الحمام يستلزم عادة تمويج ماء الحياض الصغار واختلاط بعض اجزائه ببعض وإشاعة الماء الطاهر أو المتطهر في سائر الأجزاء خصوصا حال الاستعمال لا يمكن استفادة كفاية مجرد الاتصال من مطلقات تلك الأخبار كما لا يخفى * (وقد) * يستدل لطهارة الماء المتنجس الممتزج بالماء العاصم بما يدل على الطهارة أعيان النجاسات بعد استهلاكها في الماء الكثير كقوله (ع) في رواية العلاء بن فضيل بعد السؤال عن الحياض التي يبال فيها لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول وتقريب الاستدلال اما بدعوى الأولوية القطعية أو بدعوى أن وقوع البول في الماء يستلزم تغيير ما حوله أولا ثم يمتزج الماء المتغير فيما عدا فبذهب صفته * (ويتوجه) * على التقريب الأول ما أشرنا إليه في صدر العنوان من أن طهارة أعيان النجاسات في الفرض مسببة عن استحالتها وانتفاء موضوعها عرفا بالاستهلاك فلا يقاس عليها الماء المتنجس المحكوم بطهارته لأجل الامتزاج فضلا عن أن يكون أولى لان حصول الاستهلاك بالنسبة إليه اما غير مسلم بعد اتحاد الممتزجين نوعا أو مستلزم لخروجه عن موضوع مسئلتنا لان الكلام في قابلية الماء المتنجس للتطهير وهذا فرع بقاء موضوعه عرفا والا فيؤول الكلام إلى أن الكر إذا استهلك فيه ماء متنجس هل ينفعل أم لا وهذا خارج عما نحن فيه
(٢٠)