ونحن نقول: إن نفيسة المقداد ومواقفة تأبى أن يكون ممن شق عليهم ذلك، بدليل موقفه العظيم الآتي بعد صفحات يسيرة إن شاء الله، حينما استشار النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أصحابه في حرب قريش.
أضف إلى ذلك: أن الآية تدل على أن هؤلاء قد خافوا وجبنوا عن القتال، وكانت خشيتهم وخوفهم من الناس أشد منها بالنسبة إلى الله سبحانه، وأن ذلك كان لأجل حب البقاء، وللتمتع بالدنيا. ونحن نعلم:
أن المقداد لم يكن جبانا قط، ولا كان من محبي البقاء في الدنيا على حساب الدين والاسلام، وتلك هي حياته سيرته خير شاهد على ما نقول.
كما أن الرواية والآية تدلان على أن فريقا من أولئك المذكورين أولا قد شق ذلك عليهم، وليس الكل.
وأما من عدا المقداد ممن ذكرت الرواية أسماءهم، فإن تعلقهم بالدنيا كما يظهر من سيرة حياتهم ومواقفهم المختلفة، يؤيد أن يكونوا ممن شق عليهم ذلك فعلا.
فأما عبد الرحمان بن عوف، فلا يشك في كونه من الذين قالوا ذلك كما يفهم من بعض النصوص (1) ولقد ترك هذا الرجل من المال ما هو معروف ومشهور، وقد جرى بين أبي ذر وعثمان وكعب الأحبار، ما جرى بسبب ذلك (2)، وقد صرح بأنه أكثر قريش مالا (3).