لطلوسة بينهما وإذ يسمع الصوت من إحداهما للأخرى فالظاهر أن النحارير اسم لقرية بني حيان أو طلوسة أو لأرض أو جهة واقعة بالقرب منهما وبهذه المناسبة وصف جده بالطلوسي والنحاريري وكان بعض من عاصرناه ممن لا يعتمد على نقله يقول إنها المكان الذي بتلك الجهة المعروف الآن بوادي الشحارير واصلها النحارير فصحفت وسميت بذلك لأنها كانت مزرعا لنحارير العلماء والله أعلم. اما انه يعرف بابن الحاجة ففي بعض المواضع رسمها بالحاء والألف بعدها جيم ولا أتذكر الآن أين وجدتها. وفي الرياض يعرف بابن الحجة وفي بعض المواضع ابن الحاجة وسيجئ في ترجمة والده ان اسم والده في بعض إجازاته على ابن أحمد بن الحجة فلعل جدهم الاعلى كان اسمه الحجة أو ان الحجة لقب جد والده اه ويظهر من ذلك أن الملقب بابن الحاجة أو الحجة هو ووالده معا ثم إن الحاجة بالألف هي المرأة التي حجت فلعل إحدى جداته كانت تعرف بالحاجة وعرف هو وأبوه بالانتساب إليها اما الحجة فيمكن كونها بضم الحاء فتكون لقبا لرجل ويمكن كونها مخفف الحاجة والله أعلم. واشتهر أيضا بالشهيد الثاني في قبالة الشهيد الأول محمد بن مكي المستشهد في دمشق. استشهد عدد كثير من علماء الإمامية ولم يشتهر واحد منهم باسم الشهيد عدا هذين الشهيدين وإن وصف بعضهم بالشهيد الثالث والرابع ولكنه لم يشتهر بذلك كما أنه اشتهر باسم العلامة على الاطلاق الحسن ابن المطهر الحلي وباسم المحقق جعفر ابن سعيد الحلي وباسم المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العالي العاملي الكركي ولم يشتهر به سواهما ولكن في هذا العصر كثر اطلاق لقب العلامة على كل أحد حتى اطلقه بعض المؤلفين في العراق على رجل عامي لا حظ له بشئ من العلم لكونه وجيها ومن بيت علم.
ألقاب علم أتت في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد واسمه زين الدين بن علي بلا ريب لا زين الدين علي كما توهمه الشيخ عبد النبي الكاظمي نزيل جبل عامل في تكملة نقد الرجال فزين الدين اسمه لا لقب له وعلي اسم أبيه لا اسمه كما وجدناه بخطه الشريف في عدة مواضع منها على مجموعة رسائل له أجاز روايتها لبعض آل سليمان العامليين وكتب الإجازة بخطه في عدة مواضع منها على عدة رسائل رأيتها في النجف الأشرف أيام إقامتي هناك لطلب العلم ونسختها ومنها ما رأيته بخطه على أواخر مجلدات فروع الكافي فعلى آخر كتاب المعيشة ما صورته: أنهاه أحسن الله توفيقه وسهل إلى كل خير طريقه قراءة وفهما وضبطا في مجالس آخرها ليلة الأربعاء 16 شهر ربيع الآخر عام 954 وانا الفقير إلى الله الغني زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي حامدا لله تعالى مصليا مسلما. وعلى آخر كتاب النكاح منه: أنهاه قراءة أحسن الله إليه وأسبغ نعمه عليه في مجالس آخرها يوم 17 شهر جمادى الأولى سنة 954 وانا الفقير إلى الله الغني زين الدين بن علي بن أحمد حامدا مصليا مسلما. وعلى آخر كتاب العقيقة: بلغ قراءة وفقه الله تعالى وإيانا والمؤمنين. بمحمد وآله الطاهرين وانا الفقير زين الدين بن علي بن أحمد حامدا مصليا مسلما وعلى آخر كتاب الطلاق: أنهاه أحسن الله توفيقه قراءة في مجالس آخرها ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من شهر جمادى الأولى سنة 954 وانا الفقير لله تعالى زين الدين بن علي بن أحمد حامدا لله تعالى مصليا مسلما مستغفرا ورأيت نسخة من أصول الكافي وقع فيها خرق من أولها إلى آخرها وهو في أولها صغير وفي آخرها أكبر وقد أصلح وكتب المترجم على مواضع الاصلاح بخطه وقد قابل النسخة بنفسه وكتب على بعض المواضع منها بلغت المقابلة بحمد الله ومنه بالنسخة المنتسخ ومنها وفق الله للاصلاح وانا الفقير إلى الله زين الدين بن علي حامدا مصليا مسلما منتصف شهر جمادى الأولى سنة 954 وفي بعضها بلغ مقابلة وتصحيحا حسب الجهد والطاقة في مجالس آخرها ليلة الأربعاء سادس عشري شهر ربيع الاخر سنة 954 وانا العبد الفقير إلى الله تعالى زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي حامدا مصليا مسلما.
وهذا دليل على مزيد عنايتهم الاخبار وانها كانت تقرأ عليهم وتدرس وكان بحر العلوم الطباطبائي يدرس كتاب الوافي في العصر الذي قبل عصرنا وألف صاحب مفتاح الكرامة مجلدا في تقرير بحث أستاذه المذكور لكتاب الوافي مشحونا بالفوائد. اما اليوم فقد هجر ذلك واستغني عنه بالبحث عن متن الخبر في ضمن الكتب الفقهية وفي أثناء دروس الفقه اما السند فلا يبحث عنه أصلا ويكتفي بكلام من سلف في وصفه بالصحة والضعف والحسن والوثاقة ولا يخفي ما في البحث عن السند كالبحث عن المتن من الفوائد.
صفته قال ابن العودي في رسالته: كان ربعة من الرجال معتدل الهامة وفي آخر عمره كان إلى السمن أميل بوجه صبيح مدور وشعر سبط يميل إلى الشقرة اسود العينين والحاجبين له خال على أحد خديه وآخر على أحد جبينيه ابيض اللون لطيف الجسم عبل الذراعين والساقين كان أصابع يديه أقلام فضة إذا نظر الناظر في وجه وسمع لفظه العذب لم تسمح نفسه بمفارقته وتسلى عن كل شئ بمخاطبته تملى العيون من مهابته وتبتهج القلوب لجلالته وأيم الله انه فوق ما وصفت وقد اشتمل على خصال حميدة أكثر مما ذكرت اه.
آباؤه وأبناؤه وعشيرته كان أبوه من كبار أفاضل عصره وكذلك جداه جمال الدين والتقي وجده الاعلى الشيخ صالح من تلاميذ العلامة وكذلك باقي أجداده الثلاثة كانوا أفاضل أتقياء. وفي روضات الجنات ان كلا من آبائه الستة المذكورين كانوا من الفضلاء المشهورين اه. وأخوه الشيخ عبد النبي وابن أخيه الشيخ حسن وبعض بني عمومته كانوا علماء أفاضل وأبناؤه تسلسل فيهم العلم والفضل زمانا طويلا وسموا بسلسلة الذهب ويظهر ذلك مما نذكره في تراجم الجميع كلا في بابه انش وكان واسطة عقدهم وأكثرهم به يعرفون واليه ينسبون والمشهور في جبل عامل ان آل زين الدين الذين يقطنون في صفد البطيخ هم من ذريته وكذلك آل الظاهر في النبطية التحتا. وكان لا يعيش له أولاد فمات له أولاد ذكور كثيرون قبل الشيخ حسن الذي كان لا يثق بحياته أيضا ولأجل ذلك صنف كتاب مسكن الفؤاد في الصبر على فقد الأحبة والأولاد ثم تزوج أم صاحب المدارك بعد وفاة زوجها فولد له منها الشيخ حسن فهو أخو صاحب المدارك لامه وكانا متصافيين تصافيا عجيبا قرءا معا وذهبا إلى النجف معا فقرءا عند الأردبيلي وعادا إلى جبع وكان من سبق منهما إلى الصلاة اقتدى به الاخر ومن حل مسالة مشكلة أخبر بها الاخر وعاش الشيخ حسن بعد صاحب المدارك بقدر ما زاد عليه صاحب المدارك في العمر وهذا من غريب الاتفاق.
أقوال العلماء في حقه كان عالما فاضلا جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة تقيا نقيا ورعا زاهدا عابدا حائزا صفات الكمال متفردا منها بما لا يشاركه فيه غيره مفخرة