فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي * اني امرؤ سأموت ان لم أقتل استودعك الله واني أعطي الله عهدا ان دخلت يدي في طاعة هؤلاء ما عشت وفارقه واقبل إلى الكوفة فأقام بها مستخفيا ينتقل في المنازل وأقبلت الشيعة تختلف إليه تبايعه فبايعه جماعة منهم سلمة بن كهيل ونصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري وأناس من وجوه أهل الكوفة .
وفي عمدة الطالب كان هشام بن عبد الملك قد بعث إلى مكة فأخذوا زيدا وداود بن علي بن عباس ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب لأنهم اتهموا ان لخالد بن عبد الله القسري عندهم مالا مودعا وكان خالد قد زعم ذلك فبعث بهم إلى يوسف بن عمر الثقفي بالكوفة فحلفهم ان ليس لخالد عندهم مال فحلفوا جميعا فتركهم يوسف فخرجت الشيعة خلف زيد إلى القادسية فردوه وبايعوه.
رابعها ان السبب في ذلك وشاية ابن لخالد إلى هشام بان زيدا وجماعة يريدون خلعه فاغلظ له هشام في القول وأحرجه فخرج. روى ابن عساكر في تاريخ دمشق ان ابنا لخالد بن عبد الله القسري أقر على زيد وعلي داود بن علي بن عبد الله بن عباس وأيوب بن سلمة المخزومي ومحمد بن عمر بن علي وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف انهم قد أزمعوا على خلع هشام بن عبد الملك فقال هشام لزيد قد بلغني كذا وكذا فقال ليس كما بلغك يا أمير المؤمنين قال بلى قد صح عندي ذلك قال احلف لك وان حلفت فأنت غير مصدق قال زيد ان الله لم يرفع من قدر أحد ان يحلف له بالله فلا يصدق فقال له هشام اخرج عني فقال له لا تراني الا حيث تكره فلما خرج من بين يدي هشام قال: من أحب الحياة ذل فقال له الحاجب يا أبا الحسين لا يسمعن هذا منك أحد.
خامسها ان السبب في خروجه ان أهل الكوفة كتبوا إليه فقدم عليهم. وفي تاريخ دمشق قال زكريا بن أبي زائدة لما حججت مررت بالمدينة فدخلت على زيد فسلمت عليه فسمعته يتمثل بهذه الأبيات:
ومن يطلب المال الممنع بالقنا * يعش ماجدا أو تخترمه المخارم متى تجمع القلب الذكي وصارما * وأنفا حميا تجتنبك المظالم وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم * فهل انا في ذا يال همدان ظالم فخرجت من عنده فمضيت فقضيت حجتي ثم انصرفت إلى الكوفة فبلغني قدومه فاتيته فسلمت عليه وسألته عما قدم له فأخبرني عمن كتب إليه يسأله القدوم عليهم فأشرت عليه بالانصراف فلحقه القوم فردوه.
ورواه أبو الفرج في المقاتل بسنده عن زكريا الهمداني نحوه إلى اخر الأبيات ثم قال فخرجت من عنده وظننت ان في نفسه شيئا وكان من امره ما كان ويعلم مما مر ويأتي ان الذي دعا زيدا إلى الخروج انما هو إباء الضيم والامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا طلب ملك وامارة وانه خرج موطنا نفسه على القتل مع غلبة ظنه بأنه يقتل فاختار المنية على الدنية وقتل العز على عيش الذل كما فعل جده الحسين ع الذي سن الاباء لكل أبي.
ما جرى لزيد حين اراده أهل الكوفة على الخروج وبايعوه قال أبو مخنف: وأقبلت الشيعة وغيرهم من المحكمة يختلفون إليه ويبايعونه حتى أحصى ديوانه خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة خاصة سوى أهل المدائن والبصرة وواسط والموصل وخراسان والري وجرجان والجزيرة اه وقيل أحصى ديوانه أربعين ألفا. وفي الشذرات كان ممن بايعه منصور بن المعتمر ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهلال بن خباب بن الحارث قاضي المدائن وابن شبرمة ومسعر بن كدام وغيرهم وأرسل إليه أبو حنيفة بثلاثين ألف درهم وحث الناس على نصره وكان مريضا وحضر معه من أهله محمد بن عبد الله النفس الزكية وعبد الله بن علي بن الحسين اه.
ويأتي بعد ذكر مقتله ما ذكره أبو الفرج من أسماء من عرف ممن خرج معه من أهل العلم ونقلة الآثار والفقهاء وفيهم بعض هؤلاء.
صورة البيعة قال ابن الأثير وكانت بيعته انا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه ص وجهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين واعطاء المحرومين وقسم هذا الفيئ بين أهله بالسواء ورد المظالم ونصرة أهل البيت أتبايعون على ذلك فإذا قالوا نعم وضع يده على أيديهم ويقول عليك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسول الله ص لتفين ببيعتي ولتقاتلن عدوي ولتنصحن لي في السر والعلانية فإذا قال نعم مسح يده على يده ثم قال اللهم اشهد قال أبو الفرج وأقام بالكوفة بضعة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا منها شهران بالبصرة والباقي بالكوفة ثم خرج وأرسل دعاته إلى الآفاق والكور يدعون الناس إلى بيعته قال ابن الأثير فشاع امره في الناس على قول من زعم أنه اتى الكوفة من الشام واختفى بها يبايع الناس واما على قول من زعم أنه اتى إلى يوسف بن عمر لموافقة خالد بن عبد الله القسري أو ابنه يزيد بن خالد فان زيدا أقام بالكوفة ظاهرا ومعه داود بن علي وأقبلت الشيعة تختلف إلى زيد وتأمره بالخروج ويقولون انا لنرجو ان تكون أنت المنصور وان هذا الزمان هو الذي يهلك فيه بنو أمية فأقام بالكوفة وجعل يوسف بن عمر يسأل عنه فيقال هو هاهنا ويبعث إليه ليسير فيقول نعم ويعتل بالوجع فمكث ما شاء الله ثم ارسل إليه يوسف ليسير فاحتج بأنه يحاكم بعض آل طلحة بن عبد الله لملك بينهما بالمدينة فأرسل إليه ليوكل وكيلا فلما رأى جد يوسف في امره سار حتى اتى القادسية وقيل الثعلبية فتبعه أهل الكوفة وقالوا نحن أربعون ألفا لم يتخلف عنك أحد نضرب بأسيافنا وليس هاهنا من أهل الشام الا عدة يسيرة بعض قبائلنا يكفيكهم بإذن الله تعالى وحلفوا بالايمان المغلظة وجعل يقول اني أخاف ان تخذلوني وتسلموني كما فعلتم بأبي وجدي فيحلفون له فقال له داود بن علي يا ابن عم ان هؤلاء يغرونك من نفسك أليس قد خذلوا من كان أعز عليهم منك جدك علي بن أبي طالب حتى قتل والحسن من بعده بايعوه ثم وثبوا عليه فانتزعوا رداءه وجرحوه أو ليس قد أخرجوا جدك الحسين وبايعوه ثم خذلوه وأسلموه ولم يرضوا بذلك حتى قتلوه فلا ترجع معهم فقالوا ان هذا لا يريد ان تظهر ويزعم أنه وأهل بيته أولى منكم فقال زيد لداود ان عليا ع كان يقاتله معاوية بذهبه (بدهائه) وان الحسين قاتله يزيد والامر مقبل عليهم ولداود ان يقول له وأنت يقاتلك هشام وليس بدون يزيد فقال داود اني خائف ان رجعت معهم ان لا يكون أحد أشد عليك منهم وأنت اعلم ومضى داود إلى المدينة ورجع زيد إلى الكوفة فلما رجع اتاه سلمة بن كهيل فذكر له قرابته من رسول الله ص وحقه فأحسن ثم قال له نشدتك الله كم بايعك قال أربعون ألفا قال فكم بايع جدك قال ثمانون ألفا قال فكم حصل معه قال ثلاثمائة قال